١٢٢٦ - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَامِرٍ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ (لَقَدْ أَدْرَكَتُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ -رضي الله عنهم-، وَمِنْ بَعْدَهُمْ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَضْرِبُونَ اَلْمَمْلُوكَ فِي اَلْقَذْفِ إِلَّا أَرْبَعِينَ) رَوَاهُ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ فِي "جَامِعِهِ".
===
• كم حد المملوك إذا قذف حراً؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن حد المملوك ذكراً أم أنثى إذا قذف حراً أربعون جلدة.
لفعل الصحابة.
قال الشنقيطي: اعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَذَفَ حُرًّا يُجْلَدُ أَرْبَعِينَ; لِأَنَّهُ حَدٌّ يَتَشَطَّرُ بِالرِّقِّ كَحَدِّ الزِّنَى.
القول الثاني: أن حد المملوك إذا قذف حراً ثمانون جلدة كحد الحر.
وهذا قول ابن مسعود، واختاره ابن حزم.
لعموم الآية (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً).
ورجحه الشنقيطي فقال: أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي دَلِيلًا: أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَذَفَ حُرًّا جُلِدَ ثَمَانِينَ لَا أَرْبَعِينَ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا اسْتَظْهَرْنَا جَلْدَهُ ثَمَانِينَ.
لِأَنَّ الْعَبْدَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) وَلَا يُمْكِنُ إِخْرَاجُهُ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ، إِلَّا بِدَلِيلٍ وَلَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ، لَا مِنْ كِتَابٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ، وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّصُّ عَلَى تَشْطِيرِ الْحَدِّ عَنِ الْأَمَةِ فِي حَدِّ الزِّنَى وَأَلْحَقَ الْعُلَمَاءُ بِهَا الْعَبْدَ بِجَامِعِ الرِّقِّ، وَالزِّنَى غَيْرُ الْقَذْفِ.
أَمَّا الْقَذْفُ فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ وَلَا قِيَاسٌ فِي خُصُوصِهِ.
وَأَمَّا قِيَاسُ الْقَذْفِ عَلَى الزِّنَى فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ وُجُودِ الْفَارِقِ; لِأَنَّ الْقَذْفَ جِنَايَةٌ عَلَى عِرْضِ إِنْسَانٍ مُعَيَّنٍ، وَالرَّدْعُ عَنِ الْأَعْرَاضِ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ فَيُرْدَعُ الْعَبْدُ كَمَا يُرْدَعُ الْحُرُّ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. (أضواء البيان).