وجه الدلالة: أن الآية تعم كل مسجد، وخص منها ما تقام فيه الجماعة لأدلة وجوب الجماعة.
قال ابن قدامة في المغني: وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ، وَاعْتِكَافُ الرَّجُلِ فِي مَسْجِدٍ لَا تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ يُفْضِي إلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا تَرْكُ الْجَمَاعَةِ الْوَاجِبَةِ، وَإِمَّا خُرُوجُهُ إلَيْهَا، فَيَتَكَرَّرُ ذَلِكَ مِنْهُ كَثِيرًا مَعَ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، وَذَلِكَ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ، إذْ هُوَ لُزُومُ الْمُعْتَكَفِ وَالْإِقَامَةُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فِيهِ.
القول الثالث: أنه في كل مسجد سواء تقام فيه الجماعة أم لا.
وهذا مذهب الشافعية.
لقوله تعالى (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ). قالوا: وهذا عام يشمل كل المساجد ولا يقبل تخصيصها ببعض المساجد إلا بدليل.
القول الرابع: أنه لا بد في مسجد جامع.
وهذا اختيار الصنعاني.
لقول عائشة (لا اعتكاف إلا في مسجد جامع) أخرجه ابن أبي شيبة.
والراجح القول الأول وأنه يصح في كل مسجد جماعة.
• ما الجواب عن حديث حذيفة (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة)؟
أولاً: أنه لا يثبت مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ثانياً: أنه لو كان ثابتاً مرفوعاً لاشتهر ذلك بين الصحابة، وقد خالفه جمع من الصحابة.
قال علي بن أبي طالب: لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة. أخرجه ابن أبي شيبة.
وقالت عائشة: لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة. أخرجه البيهقي.
وقال ابن عباس: لا اعتكاف إلا في مسجد تقام فيه الصلاة. أخرجه البيهقي
ثالثاً: أنه لو قيل: بموجب هذا الحديث لكان حملاً للآية على النادر، وهذا من معايب الاستدلال.
رابعاً: على فرض ثبوته، فالمراد: لا اعتكاف كامل لما تقدم من أدلة الرأي الأول.
• هل يشرع الاعتكاف للمرأة؟
نعم يشرع لها الاعتكاف كالرجل.
لحديث الباب ( … ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ).
• ما ضابط المسجد الذي يصح أن تعتكف فيه؟
وأجاز الحنفية للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها، وهو المكان المعد للصلاة فيه.
لكن هذا القول ضعيف.
والصحيح أنه يصح اعتكافها في كل مسجد، ولو لم تقم فيه الجماعة، سوى مسجد بيتها.
وهذا مذهب الجمهور.