١٤٢٧ - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا (أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ سِتَّةً مَمْلُوكِينَ لَهُ، عِنْدَ مَوْتِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ، فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اِثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً، وَقَالَ لَهُ قَوْلاً شَدِيدًا) رَوَاهُ مُسْلِم.
===
(أَنَّ رَجُلاً) لا يُعرف اسمه، ولا عبيده الذين أعتقهم، وفي الرواية التالية (أن رجلًا من الأنصار أوصى عند موته، فأعتق ستة مملوكين).
(أَعْتَقَ سِتَّةً مَمْلُوكِينَ لَهُ) وفي رواية أبي داود (ستة أعبد له).
(عِنْدَ مَوْتِهِ) أي: عند مرض موته، وظاهر هذا أنه نجّز عنقهم في هذه الحال.
(لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ، فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وفي رواية النسائيّ (فبلغ ذلك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فغَضِبَ من ذلك، وقال: لقد هممتُ أن لا أصلي عليه) وفي رواية أبي داود (لو شهدته قبل أن يدفن، لم يُدفن في مقابر المسلمين).
(فَجَزَّأَهُمْ) أي: قسّمهم.
(أَثْلَاثًا) أي: ثلاث حصص، كل عبدين على حدة.
(ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ) القرعة: استهام يتعين به نصيب الإنسان.
(فَأَعْتَقَ اِثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً) أي: أبقى حكم الرق على الأربعة.
(وَقَالَ لَهُ قَوْلاً شَدِيدًا) أي: غلظ له بالقول والذم والوعيد.
-ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد أن العتق في مرض الموت يأخذ حكم الوصية، فلا ينفذ إلا فيما أذن فيه الشرع وهو الثلث فأقل.
وهذا قول جمهور العلماء.
مثال: لو أن شخصاً وهو في مرض الموت تبرع بنصف ماله، نقول: ليس لك أن تتبرع إلا بالثلث إلا أن يجيز الورثة.
قال النووي: وَفِي هَذَا الْحَدِيث: دَلَالَة لِمَذْهَبِ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَدَاوُد وَابْن جَرِير وَالْجُمْهُور فِي إِثْبَات الْقُرْعَة فِي الْعِتْق وَنَحْوه، وَأَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَض مَوْته أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْ الثُّلُث أَقْرَعَ بَيْنهمْ، فَيُعْتِق ثُلُثهمْ بِالْقُرْعَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: الْقُرْعَة بَاطِلَة لَا مَدْخَل لَهَا فِي ذَلِكَ؛ بَلْ يُعْتِق مِنْ كُلّ وَاحِد قِسْطه، وَيُسْتَسْعَى فِي الْبَاقِي لِأَنَّهَا خَطَر، وَهَذَا مَرْدُود بِهَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح وَأَحَادِيث كَثِيرَة. (شرح مسلم)