٩٢٧ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: - بَعَثَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عُمَرَ عَلَى اَلصَّدَقَةِ .. - اَلْحَدِيثَ، وَفِيهِ (وَأَمَّا خَالِدٌ فَقَدْ اِحْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
===
الحديث تقدم شرحه ولفظه كاملاً:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ (بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَقِيلَ مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ فَقِيراً فَأَغْنَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِداً قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَىَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا». ثُمَّ قَالَ «يَا عُمَرُ أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ) متفق عليه.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: جواز وقف المنقولات، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: لا يصح وقفه.
وها قول أبي حنيفة.
لأن من شروط الوقف التأبيد، والمنقول لا يتأبد، لكونه قابلاً للفناء، فلا يجوز وقفه مقصوداً إلا إذا كان تابعاً للعقار.
القول الثاني: لا فرق بين العقار والمنقول في باب الوقف، والجميع يصح وقفه.
وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والمشهور في مذهب الحنابلة.
لحديث الباب.
قال الخطابي: وفي الحديث دليل على جواز إحباس آلات الحروب من الدروع والسيوف والحجف. وقد يدخل فيها الخيل والإبل لأنها كلها عتاد للجهاد. وعلى قياس ذلك الثياب والبسط والفرش ونحوها من الأشياء التي ينتفع بها مع بقاء أعيانها.
ب- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا يقتسم ورثتي ديناراً، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة) رواه البخاري.
قال ابن حجر: وفي حديث أبي هريرة دلالة على صحة وقف المنقولات، وأن الوقف لا يختص بالعقار، لعموم قوله: ما تركت بعد نفقة نسائي ....
ج- أن حقيقة الوقف: هو تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، وهذا حاصل في المنقول، كما هو حاصل في العقار.
• ما معنى قوله ( … فَقَدْ اِحْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ)؟
قال النووي: قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْأَعْتَاد: آلَات الْحَرْب مِنْ السِّلَاح وَالدَّوَابّ وَغَيْرهَا.
وَمَعْنَى الْحَدِيث: أَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْ خَالِد زَكَاة أَعْتَادِهِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ، وَأَنَّ الزَّكَاة فِيهَا وَاجِبَة، فَقَالَ لَهُمْ: لَا زَكَاة لَكُمْ عَلَيَّ، فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ خَالِدًا مَنَعَ الزَّكَاة، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ تَظْلِمُونَهُ; لِأَنَّهُ حَبَسَهَا وَوَقَفَهَا فِي سَبِيل اللَّه قَبْل الْحَوْل عَلَيْهَا، فَلَا زَكَاة فِيهَا.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد: لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاة لَأَعْطَاهَا وَلَمْ يَشِحَّ بِهَا; لِأَنَّهُ قَدْ وَقَف أَمْوَاله لِلَّهِ تَعَالَى مُتَبَرِّعًا فَكَيْف يَشِحّ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ؟ وَاسْتَنْبَطَ بَعْضهمْ مِنْ هَذَا وُجُوب زَكَاة التِّجَارَة، وَبِهِ قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف خِلَافًا لِدَاوُد.