• ما الذي يقطع ثانياً؟
رجله اليسرى.
قال ابن قدامة: وَإِذَا سَرَقَ ثَانِيًا، قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى.
وَبِذَلِكَ قَالَ الْجَمَاعَةُ إلَّا عَطَاءً، حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى؛ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) وَلِأَنَّهَا آلَةُ السَّرِقَةِ وَالْبَطْشِ، فَكَانَتْ الْعُقُوبَةُ بِقَطْعِهَا أَوْلَى، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَبِيعَةَ، وَدَاوُد.
وَهَذَا شُذُوذٌ، يُخَالِفُ قَوْلَ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ، مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
ثم قال ابن قدامة: … وَلِأَنَّ قَطْعَ يَدَيْهِ يُفَوِّتُ مَنْفَعَةَ الْجِنْسِ، فَلَا تَبْقَى لَهُ يَدٌ يَأْكُلُ بِهَا، وَلَا يَتَوَضَّأُ، وَلَا يَسْتَطِيبُ، وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ، فَيَصِيرُ كَالْهَالِكِ، فَكَانَ قَطْعُ الرِّجْلِ الَّذِي لَا يَشْتَمِلُ عَلَى هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ أَوْلَى.
وَلِأَنَّ قَطْعَ الْيُسْرَى أَرْفَقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ عَلَى خَشَبَةٍ، وَلَوْ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَشْيُ بِحَالٍ.
• ما الحكم إذا سرق ثالثة ورابعة؟
اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
القول الأول: أنه لا يقطع في الثالثة بعد قطع اليد والرجل بل يحبس.
وهذا هو مذهب الحنفية والمعتمد لدى الحنابلة.
قال ابن قدامة: يَعْنِي إذَا عَادَ فَسَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ، لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ وَحُبِسَ.
وَبِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَحَمَّادٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
القول الثاني: أنه يقطع في الثالثة يسري يديه وفي الرابعة يمنى رجليه فإن سرق خامسة عزر.
وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ.
والله أعلم.
• من أين تقطع الرجِل؟
قال ابن قدامة: وَتُقْطَعُ الرِّجْلُ مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ -رضي الله عنه-.
وقال القرطبي: فقال الكافة: تقطع (يعني اليد) من الرسغ، والرجِل من المفصل، ويحسم الساق إذا قطع.