[هل قوله (ولا تمازحه) على إطلاقها؟]
الجواب: لا.
لأن المزاح المنهي عنه هو المزاح الكثير حيث يداوم عليه صاحبه.
قال الإمام النووي رحمه الله: " المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب، ويشغل عن ذكر الله تعالى: ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالوا: يا رسول الله، إنَّك تُدَاعِبُنَا؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (نعم، غير أنِّي لا أقولُ إلا حقاً) رواه الترمذي.
قال ابن حبَّان: والمزاح على ضربين:
أ- المزاح المحمود: وهو الذي لا يشوبه (يخالِطه) ما كَرِه اللهُ عزَّ وجل، ولا يكون بإثمٍ ولا قطيعة رَحِم.
ب- المزاح المَذْموم: وهو الذي يثير العداوةَ، ويُذهب البهاءَ، ويقطع الصداقَة، ويجرِّئ الدنيءَ عليه، ويحقد الشريفَ به.
اذكر بعض أقوال السلف في ذم كثرة المزاح؟
قال عمر: من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به.
وقال خالد بن صفوان: كان يقال: لكل شيء بذر، وبذر العداوة المزاح.
وقال عمر بن عبد العزيز: اتقوا الله واتقوا المزاح، فإنه يورث الضغينة.
وقال: اتقوا المزاح، فإنه يذهب المروءة.
وقال سعد بن أبي وقاص: اقتصر في مزاحك، فإن الإفراط فيه يُذهب البهاء، ويجرّئ عليك السفهاء.
وقيل في منثور الحكم: المزاح يأكل الهيبة كما تأكل النار الحطب.
وقال بعض الحكماء: من كثر مزاحه زالت هيبته، ومن كثر خلافه طابت غيبته.
وقال بعض البلغاء: من قل عقله. كثر هزله.
فإياك إياك المزاح فإنه … يجرئ عليك الطفل والدنس النذلا
ويُذهب ماء الوجه بعد بهائه ويورثه من بعد عزته ذلاً
قال الغزالي: من الغلط العظيم أن يتخذ المزاح حرفة