للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عبد البر رحمه الله في الاستذكار: ليس في مسألة أكثر النفاس موضع للاتباع والتقليد إلا من قال بالأربعين، فإنهم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا مخالف لهم منهم، وسائر الأقوال جاءَت عن غيرهم ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم، لأن إجماع الصحابة حجة على من بعدهم والنفس تسكن إليهم فأين المهرب عنهم دون سنة ولا أصل.

وقال ابن قدامة: ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولم نعرف لهم مخالفاً في عصرهم فكان إجماعاً.

وهذا القول هو الصواب وذلك لأمور:

الأول: أنه قول الصحابة ولا مخالف لهم.

الثاني: أنه لا بد في المسألة من تحديد أيام تجلس فيها النفساء ولا يمكن تجاوز قول الصحابة إلى غيرهم.

الثالث: أنه قول الأطباء وهم من أهل الاختصاص في معرفة الدم فاتفق قولهم مع رأي ابن عباس وقول أكثر أهل العلم.

وأما أقل النفاس فلا حدَّ له في قول أكثر أهل العلم فإذا رأت النفساء الطهر وهو انقطاع الدم وجب عليها أن تغتسل وتصلي. (الإسلام سؤال وجواب).

وقال مالك والشافعي وأحمد في رواية أكثره ستون يوماً.

وقال الحسن البصري تجلس أربعين يوماً إلى خمسين فإن زاد فهي استحاضة.

وقيل غير ذلك من الأقوال وهي اجتهادات ليس على شيء منها دليل صحيح.

• متى يثبت النفاس؟

لا يثبت النفاس إلا إذا وضعت ما يتبين فيه خلق إنسان.

فلو وضعت سقطاً صغيراً لم يتبين فيه خلق إنسان، فليس دمها دم نفاس، بل هو دم عرق، فيكون حكمها حكم المستحاضات، وأقل مدة يتبين فيها خلق إنسان ثمانون يوماً من ابتداء مدة الحمل.

قال علماء اللجنة الدائمة: إذا كان الجنين قد تخلق، بأن ظهرت فيه أعضاؤه من يد أو رجل أو رأس حرم عليه جماعها مادام الدم نازلاً إلى أربعين يوماً، ويجوز أن يجامعها في فترات انقطاعه أثناء الأربعين بعد أن تغتسل، أما إذا كان لم تظهر أعضاؤه في خلقه فيجوز له أن يجامعها ولو حين نزوله، لأنه لا يعتبر دم نفاس، إنما هو دم فاسد تصلي معه وتصوم.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز: إذا أسقطت المرأة ما تبين فيه خلق الإنسان من رأس أو يد أو رجل أو غير ذلك فهي نفساء لها أحكام النفاس فلا تصلي ولا تصوم ولا يحل لزوجها جماعها حتى تطهر أو تكمل أربعين يوماً، ومتى طهرت لأقل من أربعين وجب عليها الغسل والصلاة والصوم في رمضان وحل لزوجها جماعها.

أما إذا كان الخارج من المرأة لم يتبين فيه خلق الإنسان بأن كان لحمة ولا تخطيط فيه أو كان دماً: فإنها بذلك تكون لها حكم المستحاضة لا حكم النفاس ولا حكم الحائض، وعليها أن تصلي وتصوم في رمضان وتحل لزوجها … لأنها في حكم المستحاضة عند أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>