وضعفه ابن القيم، فقال: إنه غَلِطَ من قال: إنه كان يأكل ويشرب طعاماً وشراباً يتغذى به بدنه لوجوه:
أحدهما: أنه قال (أظل عند ربي يطعمني ويسقيني) ولو كان أكلاً وشراباً لم يكن وصالاً ولا صوماً.
الثاني: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرهم أنهم ليس كهيئتهم في الوصال، فإنهم إذا واصلوا تضرروا بذلك، وأما هو -صلى الله عليه وسلم- فإنه إذا واصل لا يتضرر بالوصال، فلوا كان يأكل ويشرب لكان الجواب: وأنا أيضاً لا أواصل، بل آكل وأشرب، كما تأكلون وتشربون فلما قررهم: إنك تواصل، ولم ينكر عليهم، دلّ على أنه كان مواصلاً وأنه لم يكن أكلاً وشراباً يفطر الصائم.
الثالث: أنه لو كان أكلاً وشراباً يفطر الصائم لم يصح الجواب بالفارق بينهم وبينه، فإنه حينئذٍ -صلى الله عليه وسلم- هو وهم مشتركون في عدم الوصال، فكيف يصح الجواب بقوله: لست كهيئتكم.
وقيل: يجعل الله فيه قوة الطاعم الشارب.
ونسبه ابن حجر للجمهور.
وقيل: أن المراد ما يغذيه الله به من معارفه، وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته، وقرة عينه بقربه، وتنعمه بحبه، وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب ونعيم الأرواح.
ورجح هذا القول ابن القيم، وقال: وقد يقوى هذا الغذاء حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمان، ومن له أدنى تجربة وشوق، يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الحيواني، ولا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قد قرت عينه بمحبوبه، وتنعم بقربه، والرضى عنه.
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
- أن الوصال من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- أن ما ثبت في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو ثابت في حق أمته إلا ما خصه الدليل، ووجه ذلك من الحديث قول الصحابة (فإنك تواصل) لما نهاهم عن الوصال.
- فيه الاستكشاف عن حكمة النهي.
- وفيه أن الصحابة كانوا يرجعون إلى فعله المعلوم صفته، ويبادرون إلى الإنشاء به إلا فيما نهاهم عنه.