للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجه الدلالة من الحديثين:

دل الحديثان على وجوب وضع الجوائح بالنص الصريح، أما الأول فقد جاءت دلالته على وجوب وضع الجوائح بصريح التحريم، حيث نفى النبي -صلى الله عليه وسلم- حل أخذ شيء من مشتري الثمرة إذا أجيحت، ثم أكد حرمته بصيغة الاستفهام الإنكاري، ووصفه بأنه غير حق.

ودل عليه الحديث الثاني بالأمر الصريح، والأمر يقتضي الوجوب مالم يصرفه صارف، ولم يوجد، فدل الحديثان على وجوب وضع الجوائح.

قال الشيخ عبد الله الفوزان: وجه الاستدلال:

أولاً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نفى حل أخذ شيء من مشتري الثمرة إذا اصابتها جائحة.

ثانياً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكّد حرمة أخذ مال المشتري بصيغة الاستفهام الإنكاري، ووصفه بأنه غير حق.

ثالثاً: أنه أمر أمراً صريحاً بوضع الجوائح، والأمر يقتضي الوجوب.

• هل هناك فرق بين قليل الجائحة وكثيرها؟

اختلف العلماء بذلك على قولين:

القول الأول: يوضع قليل الجائحة وكثيرها.

وإليه ذهب الإمام أحمد في أشهر الروايتين عنه، وأبو عبيد وغيره من فقهاء الحديث.

أ- لعموم الأحاديث الواردة في الأمر بوضع الجوائح، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع الجوائح، وما دون الثلث داخل فيه فيجب وضعه.

ب- ولأن هذه الثمرة لم يتم قبضها، فكان ما تلف منها من مال البائع وإن كان قليلاً.

القول الثاني: لا توضع الجائحة إلا إذا بلغت الثلث.

وهو قول مالك في جوائح الثمار.

أ-قالوا: لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَأْكُلَ الطَّيْرُ مِنْهَا، وَتَنْثُرَ الرِّيحُ، وَيَسْقُطَ مِنْهَا، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ضَابِطٍ وَاحِدٍ فَاصِلٍ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْجَائِحَةِ، وَالثُّلُثُ قَدْ رَأَيْنَا الشَّرْعَ اعْتَبَرَهُ فِي مَوَاضِعَ: مِنْهَا؛ الْوَصِيَّةُ، وَعَطَايَا الْمَرِيضِ، وَتَسَاوِي جِرَاحِ الْمَرْأَةِ جِرَاحَ الرَّجُلِ إلَى الثُّلُثِ.

ب-وَلِأَنَّ الثُّلُثَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ، وَمَا دُونَهُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْوَصِيَّةِ (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) فَيَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ آخِرُ حَدِّ الْكَثْرَةِ، فَلِهَذَا قُدِّرَ بِهِ.

والراجح الأول، لعموم أحاديث وضع الجوائح.

تنبيه: قال ابن قدامة: إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إذَا تَلِفَ شَيْءٌ لَهُ قَدْرٌ خَارِجٌ عَنْ الْعَادَةِ، وَضَعَ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الذَّاهِبِ، فَإِنْ تَلِفَ الْجَمِيعُ، بَطَلَ الْعَقْدُ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.

• ما الحكم لو فرط المشتري وتأخر في جذاذ النخل مثلاً؟

لو فرط المشتري وتأخر في جذاذ النخل - مثلاً - عن وقته المعتاد فأصابته جائحة بمطر - مثلاً - فهو من ضمانه لا من ضمان البائع، لتفريطه بترك نقل الثمرة في وقت نقلها مع قدرته.

• ما حكم الجائحة إذا كانت بفعل آدمي؟

إذا كانت الآفة بفعل الآدمي فيطالب به الجاني.

• هل السرقة تعتبر جائحة؟

السرقة لا تعتبر جائحة على القول الراجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>