للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٥٩ - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ اَلدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ اَلْعَدُوِّ، وَشَمَاتَةِ اَلْأَعْدَاءِ) رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ.

===

[ماذا نستفيد من الحديث؟]

نستفيد استحباب الاستعاذة من الأمور المكورة في الحديث وهي:

(اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ اَلدَّيْنِ) أي: ثقله وشدته بحيث يعجز الإنسان عن قضائه.

لأن الدين همّ بالليل، وذلّ بالنهار، فإذا كَانَ غالبًا كَانَ أدهى وأمر.

فاستعاذ -صلى الله عليه وسلم- من شدة الدين، وثقله بحيث لا قدرة على وفائه سيما مع الطلب؛ لما فيه من الوقوع بالمحذورات الشرعية: كالخلف في الوعد والكذب كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- والانشغال عن الطاعات؛ ولما فيه كذلك من الغم على القلب، وإتعاب العقل، ووهن الجسد، والنفس، وإنما استعاذ من غلبته؛ لأن الاستدانة بدون غلبة قد يحتاج إليها كثير من العباد، وقد مات -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة في أصواع من شعير.

قَالَ بعض السلف: ما دخل هم الدين قلبًا إلا أذهب منْ العقل ما لا يعود إليه.

(وَغَلَبَةِ اَلْعَدُوِّ) أي: انتصاره علي وقهره وغلبته إياي.

لأن العدوّ إذا غلب يذيق أليم العذاب، وكآبة الذلّ والمهانة، ولاسيّما إذا كَانَ كافرًا، أو منافقًا، وربما يفتن عن الدين.

(وَشَمَاتَةِ اَلْأَعْدَاءِ) أي: فرح الأعداء بما يصيبني من أذى.

فإن في ذلك موقعاً عظيماً في القلب، وتأثيراً كبيراً في النفس.

فالشماتة: هي سرور العدو بما ينال عدوه الآخر من مكروه أو سوء.

قال القرطبي: والشماتة: السرور بما يصيب أخاك من المصائب في الدِّين والدنيا، وهي محرّمة مَنْهِيٌّ عنها.

وقال ابن عاشور: والشماتة: سُرور النفس بما يصيب غيرها من الإضرار، وإنما تحصل من العداوة والحسد.

وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (اللهم إني أعوذ بك من سوء القضاء، ودرك الشقاء، وجهد البلاء، وشماتة الأعداء).

ولا يخفى أن الاستعاذة من كل الأمور السابقة لما فيها من المضار والمساوئ في الدين والدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>