وأما قولهم (العبرة بما رأى لا بما روي) فالعبرة - كما هو مذهب الجمهور - بما روى لا بما رأى.
قال ابن القيم: والذي نَدينُ الله به، ولا يَسَعُنا غيره، وهو القصد في هذا الباب: بأنَّ الحديثَ إذا صحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يصحَّ عنه حديثٌ آخر ينسخه، أنَّ الفرض علينا وعلى الأمَّة الأخذ بحديثه وترك كل ما خالفه، ولا نتركه لخلاف أحدٍ من الناس كائناً من كان لا راويه ولا غيره، إذ من الممكن أنْ ينسى الراوي الحديث، أو لايحضره وقت الفتيا، أو لا يتفطن لدلالته على تلك المسألة، أو يتأول فيه تأويلاً مرجوحاً، أو يقوم في ظنِّه ما يعارضه ولا يكون معارضاً في نفس الأمر، أو يقلد غيره في فتواه بخلافه لاعتقاده أنَّه أعلم منه، أو أنَّه إنما خالفه لما هو أقوى منه، ولو قُدِّر انتفاء ذلك كله -ولا سبيل إلى العلم بانتفائه ولا ظنه- لم يكن الراوي معصوماً، ولم توجب مخالفته لما رواه سقوط عدالته حتى تغلب سيئاتُه حسناتِه، وبخلاف هذا الحديث الواحد لا يحصل له حجة. (إعلام الموقعين).
وقال الشوكاني: وترجيح رأي الصحابي على روايته عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ورواية غيره، من الغرائب التي لا يُدرَى ما الحامل عليها. (نيل الأوطار).
ب- واحتجوا لأبي حنيفة أيضاً بأنه جاء في بعض طرق حديث أبي هريرة مرفوعاً (في الكلب يلغ في الإناء يغسله ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً) رواه الدارقطني.
وهي روايةٌ ضعيفةٌ جدّاً، لأنَّ فيها عبد الوهاب ابن الضحاك وهو متروك -كما قال الدارقطني نفسه بعد تلك الرواية- وفيها إسماعيل ابن عياش وروايته عن الحجازيين ضعيفةٌ وهي هنا عن واحدٍ منهم وهو هشام بن عروة.
هـ- واستدل بعضهم: بأنَّ العذرة أشد في النجاسة مِنْ سؤر الكلب ولم يقيد بالسبع فيكون الولوغ
كذلك مِنْ باب الأولى.
قال الحافظ ابن حجر: لا يلزم مِنْ كونها أشد منه في الاستقذار أن لا يكون أشد منها في تغليظ الحكم، وبأنَّه قياسٌ في مقابلة النَّص وهو فاسد الاعتبار. (الفتح).
• ما حكم لو ولغ الكلب في ثوب؟
لم يفرق العلماء بين الآنية وغيرها، فيجب غسل الإناء أو الثوب سبع مرات.