للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٥٥ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَراً فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا. بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: - أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ بِوَضْعِ اَلْجَوَائِحِ -.

===

(لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ) (من) بمعنى (على).

(فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ) أي: أصابت ذلك الثمر آفة.

(فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا) أي: من أخيك، وهذا صريح في التحريم.

(بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ) أي: في مقابلة الثمر الذي أصابته الجائحة.

(بِغَيْرِ حَقٍّ) تأكيد للإنكار في أخذه.

• ما تعريف الجائحة؟

قال ابن قدامة: الجائحة كل آفة لا صنع للآدمي فيها.

وقال ابن تيمية: الجائحة هي الآفات السماوية التي لا يمكن معها تضمين أحد.

وقال القرطبي: الجائحة ما اجتاحت المال، وأتلفته إتلافاً ظاهراً، كالسيل والمطر والحرق والسرق وغلبة العدو، وغير ذلك مما يكون إتلافه للمال ظاهراً.

فالجائحة إذاً: هي كل آفة لا صنع للآدمي فيها، فيدخل في ذلك المطر الشديد، والحر والبرد، والريح، والجراد، والغبار المفسد ونحو ذلك من الآفات السماوية.

مثالها: انسان باع على أخيه ثمر عنب فقدر أنه جاء حر شديد فتلفت هذه العنب أو مطر مصحوباً ببرد فأتلفه.

• ما معنى (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ بِوَضْعِ اَلْجَوَائِحِ)؟

أي: أمر بإسقاطها، وعدم المطالبة بها، يعني أن من اشترى ثماراً فأصابتها آفة سماوية كالبَرَد - بفتحتين - والحر الشديدين والجراد ونحو ذلك من الآفات التي تعرض للثمار، فإنه لا يحل للبائع أن يُطالب بثمنها.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: الأمر بوضع الجوائح، (أي: أن تلف الثمار المبيعة بجائحة يكون من مال البائع)، وهذا قول أكثر العلماء.

قال ابن قدامة: ما تهلكه الجائحة من الثمار من ضمان البائع.

وبهذا قال أكثر أهل المدينة، منهم: يحيي بن سعيد الأنصاري، ومالك، وأبو عبيد، وجماعة من أهل الحديث، وبه قال الشافعي في القديم.

قال الحافظ في الفتح: استُدل بهذا الحديث على وضع الجوائح في الثمر يُشترَى بعد بدو صلاحه، ثم تصيبه جائحة.

فهذا مذهب المالكية، والحنابلة، والشافعية في القديم.

أ- لقوله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل … ).

وجه الدلالة: أن الله نهى عن أكل أموال الناس بالباطل، وأخْذ البائع الثمن من المشتري بعد أن تلفت الثمرة بجائحة قبل تمام نضجها نوع مما نهى الله عنه، لأنه أخذه بدون مقابل، حيث لم يحصل للمشتري مقصوده من العقد، وهو أخذ الثمرة بعد تمام نضجها.

ب- لحديث الباب (لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَراً فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟).

ج- وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ بِوَضْعِ اَلْجَوَائِحِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>