قال النووي: فإن كان يشق على صاحب الطعام صومه فالأفضل الفطر، وإلا فإتمام الصوم.
أ-عَنْ أُمِّ هَانِئٍ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَيْهَا فَدَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ) رواه أحمد
قال في تحفة الأحوذي عقب هذا الحديث: وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ صَامَ تَطَوُّعًا أَنْ يُفْطِرَ لا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِي دَعْوَةٍ إِلَى طَعَامِ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. ا. هـ
ب- وعن أبي سعيد الخدري قَالَ (صَنَعْت لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- طَعَامًا فَلَمَّا وُضِعَ قَالَ رَجُلٌ أَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (دَعَاك أَخُوك وَتَكَلَّفَ لَك، أَفْطِرْ فَصُمْ مَكَانَهُ إِنْ شِئْت) أخرجه البيهقي، قَالَ الْحَافِظُ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. ا. هـ
قال ابن قدامة: وإن كان صوماً تطوعاً، استحب له الأكل؛ لأن له الخروج من الصوم، فإذا كان في الأكل إجابة أخيه المسلم، وإدخال السرور على قلبه، كان أولى.
وقد روي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في دعوة، ومعه جماعة، فاعتزل رجل من القوم ناحية، فقال: إني صائم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: دعاكم أخوكم، وتكلف لكم، كل، ثم صم يوما مكانه إن شئت، وإن أحب إتمام الصيام جاز؛ لما روينا من الخبر المتقدم، ولكن يدعو لهم، ويترك، ويخبرهم بصيامه؛ ليعلموا عذره، فتزول عنه التهمة في ترك الأكل. (المغني).
[٣ - استدل العلماء بحديث جابر [إن شاء طعم وإن شاء أكل] على أن الواجب هو حضور الدعوة وأن الأكل ليس بواجب.]
وهذا قول الحنابلة والشافعية.
قالوا لأن الذي أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوعد على تركه هو الحضور، أما الأكل فلم يأت ما يدل على وجوبه.
لكن لاشك أن الأكل أفضل وأكمل.
قال ابن قدامة: ولنا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إذا دعي أحدكم فليجب، فإن شاء أكل، وإن شاء ترك).
ولأنه لو وجب الأكل، لوجب على المتطوع بالصوم، فلما لم يلزمه الأكل، لم يلزمه إذا كان مفطراً.
وقولهم: المقصود الأكل.
قلنا: بل المقصود الإجابة، ولذلك وجبت على الصائم الذي لا يأكل. (المغني).
وقال بعض العلماء أن الأكل واجب.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (وإن كان مفطراً فليطعم) وهذا أمر.
وقالوا: لأن المقصود من الحضور هو الأكل.
والقول الأول أصح.