[ولأن الجرح لا يدرى أقتل هو أم ليس بقتل، فينبغي أن ينتظر ليعلم ما حكمه؟]
فأما حديثهم، فقد رواه الدارقطني، وفي سياقه، فقال: يا رسول الله، عرجت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (قد نهيتك فعصيتني، فأبعدك الله، وبطل عرجك، ثم نهى أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه) وهذه زيادة يجب قبولها، وهي متأخرة عن الاقتصاص، فتكون ناسخة له.
وفي نفس الحديث ما يدل على أن استقادته قبل البرء معصية؛ لقوله: قد نهيتك فعصيتني. (المغني).
• هل سراية الجناية مضمونة؟
نعم.
لأنها أثر الجناية، والجناية مضمونة فكذلك أثرها ..
فسراية الجناية مضمونة في النفس فما دونها.
أي: السراية التي سببها الجناية مضمونة، والسراية: هي أن ينتقل الشيء من مكان إلى آخر، فيسري الجرح من المكان الأول إلى مكان آخر ويتسع، وكذلك الأعضاء، كما لو قطع أصبعاً فتآكلت الكف كلها، أو قطع أنملة فتآكل الأصبع كله، أو جرح موضحة بقدر الظفر ثم اتسعت حتى صارت بقدر الكف.
فالسراية من جناية مضمونة في النفس فما دونها.
في النفس مثل لو قطع أصبع إنسانٍ عمداً فنزف الدم حتى مات، فهنا نقتل الجاني، فإذا قال الجاني: أنا لم أقطع إلاَّ الأصبع، فنقول له: لكن هذه الجناية سرت إلى النفس، وأنت السبب، وربما أنك لم تقصد أن تقتل هذا الشخص، لكنه مات بسببك فتكون ضامناً.
وهذا الضابط مبني على قاعدة معروفة عند أهل العلم، وهي (ما ترتب على غير المأذون فهو مضمون) فكل شيء ترتب على شيء لم يؤذن فيه، لا شرعاً ولا عرفاً، فإنه يكون مضموناً. (الشرح الممتع).
• هل سراية القود مضمونة؟
لا.
فسراية القود مهدرة.
معناه: إذا قطع طرفاً يجب القود فيه فاستوفى منه المجني عليه ثم مات الجاني بسراية الجراح لم يلزم المستوفى شيء.
لما روي أن عمر وعلياً قال (من مات من حد أو قصاص لا دية له، الحق قتله) أخرجه البيهقي.
ولأنه قطع مستحق مقدر فلا يضمن سرايته كقطع السارق.
قال الشيخ ابن عثيمين: في الممتع: قوله: (وسراية القود مهدورة) القود أي: القصاص، فلو اقتصصنا من الجاني ثم سرت الجناية فإنها هدر، أي: لا شيء فيها؛ لأننا نقول: أنت المعتدي، فلا شيء لك.
وهذا الضابط مبني على قاعدة عند أهل العلم وهي (ما ترتب على المأذون فليس بمضمون) وهنا القود مأذون فيه، فإذا استقدنا من هذا الرجل، وقطعنا يده ثم سرى القود، فقد ترتب هذا على شيء مأذون فلا يكون مضموناً،