[ما الأفضل لمن اشتبه عليه أمر من الأمور؟]
الحديث دليل على أن من اشتبه عليه أمر من الأمور فالأفضل والأكمل أن يتقي هذا الأمر المشتبه فيه.
لأن ذلك أسلم لدينه وعرضه.
ومعنى (استبرأ) أي: طلب البراءة لدينه من النقص، ولعرضه من الشيْن.
الحديث قسّم الناس في الأمور المشتبهة إلى قسمين اذكرهما؟
الأول: من يتقي هذه الشبهات، لاشتباهها عليه.
فهذا قد استبرأ لدينه وعرضه.
والثاني: من يقع في الشبهات مع كونها مشتبهة عنده.
فهذا قد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قد وقع في الحرام.
ما معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- (وَمَنْ وَقَعَ فِي اَلشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي اَلْحَرَامِ)؟
اختلف العلماء في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- (من وقع في الشبهات وقع في الحرام) على قولين:
الأول: أن يكون ارتكابه للشبهة مع اعتقاده أنها شبهة ذريعة إلى ارتكابه الحرام الذي يعتقد أنه حرام بالتدرج والتسامح.
ويعضد هذا المعنى ما روي في الصحيحين (ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أو شك أن يواقع ما استبان).
والمعنى الثاني: أن من أقدم على ما هو مشتبه عنده لا يدري أهو حلال أو حرام، فإنه لا يأمن أن يكون حراماً في نفس الأمر، فيصادف الحرام وهو لا يدري أنه حرام.
ويعضد هذا ما في رواية ابن عمر للحديث، وفيه: (فمن اتقاها - أي المشتبهات - كان أنزه لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات أوشك أن يقع في الحرام).
بما شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يقع في الشبهات؟
شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يقع في الشبهات بالراعي يرعى بغنمه وإبله حول الحمى، أي حول المكان المحمي، يوشك ويقرب أن يقع فيه، لأن البهائم إذا رأت الأرض المحمية مخضرة مملوءة من العشب فسوف تدخل هذه القطعة المحمية، كذلك المشتبهات إذا حام حولها العبد فإنه يصعب عليه أن يمنع نفسه عنها.
ما حكم من عرّض نفسه للشبهات؟
الحديث دليل على أن من ارتكب الشبهات، فقد عرضه نفسه للقدح فيه والطعن.
كما قال بعض السلف: من عرّض نفسه للتهم، فلا يلومن من أساء الظن به.
وعند الترمذي (فمن تركها، استبراءً لدينه وعرضه، فقد سلِم) والمعنى: أنه يتركها بهذا القصد - وهو براءة دينه وعرضه من النقص - لا لغرض آخر فاسد من رياء ونحوه.