٩٥٧ - وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (أَفْرَضُكُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ سِوَى أَبِي دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَأُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ.
===
• ما صحة حديث الباب؟
الصواب أنه مرسل.
فقد رجح الإرسال: الخطيب، والدارقطني، وابن عبد الهادي، والبيهقي، وابن عبد البر، وابن تيمية،
، ومما يدل على ضعفه مع كلام هؤلاء الذين هم أعلم بالعلل ممن خالفهم فيه في الجملة: أن البخاري ومسلماً رويا الحديث بدون هذه الزيادة فإن هذه الزيادة جزء من الحديث، قلَّت زيادة يُعرِض عنها الشيخان - مع روايتهم الحديث نفسه بنفس الطريق - تسلم من قادح.
قال البخاري في صحيحه: باب مناقب أبي عبيدة.
قال الحافظ في الفتح: أورد الترمذي وابن حبان هذا الحديث من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء بهذا الإسناد مطولاً وأوله: (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقرأهم لكتاب الله أبي وأفرضهم زيد وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ الا وإن لكل أمة أميناً … ) الحديث، وإسناده صحيح إلا أن الحفاظ قالوا إن الصواب في أوله الإرسال والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري والله أعلم.
قال ابن تيمية: (أفرضكم زيد) ضعيف لا أصل له، ولم يكن زيد على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- معروفاً بالفرائض.
• ما معنى (أفرضكم زيد)؟
اخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيل قَوْله -صلى الله عليه وسلم- (أفرَضُكُمْ زيد) عَلَى أقوالٍ خَمْسَة، ذكرهَا الماورديُّ فِي (حاويه).
أَحدهَا: أَنه قَالَ ذَلِك حثًّا عَلَى (مناقشته) وَالرَّغْبَة فِي تعلمه كَرَغْبَتِهِ؛ لِأَن زيدا كَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى الْفَرَائِض.
ثَانِيهَا: أَنه قَالَ ذَلِك تَشْرِيفًا لَهُ، وإنْ شَاركهُ غيرُهُ فِيهِ.
ثَالِثهَا: أَنه أَشَارَ بذلك إِلَى جماعةٍ من الصَّحَابَة كَانَ زيدٌ أفرضَهُمْ، وَيرد هَذِه الرِّوَايَة السالفة (أفْرَضُ أُمَّتي زيد بن ثَابت).
رَابِعهَا: أَنه أَرَادَ بذلك أَنْ زيدا كَانَ أَشَّدهم عناية وحرصاً عليه.
خَامِسهَا: أَنه قَالَ ذَلِك؛ لِأَنَّهُ كَانَ أصحَّهُم حسابا وأسرعَهُمْ جَواباً.
فائدة:
قال الشيخ ابن عثيمين: … وأما حديث (أفرضكم زيد) فإنه ضعيف لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وعلى تقدير صحته فإنه يخاطب قوما محصورين وليس يخاطب جميع الأمة، وعلى تقدير أنه يخاطب جميع الأمة فلا يعني هذا أن زيداً معصوم من الخطأ وإن كان أفرض الأمة، لأنه لا معصوم من الخطأ إلا الرسول عليه الصلاة والسلام.
وإنما قلت ذلك لأن بعض العلماء قال: إن ما قاله زيد في الفرائض فإنه يجب المصير إليه، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (أفرضكم زيد).