١٢٨٨ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: (أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ أَوْطَاسٍ لَهُنَّ أَزْوَاجٌ، فَتَحَرَّجُوا، فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ اَلنِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
===
(أَصَبْنَا سَبَايَا) بفتح السين المهملة، جمع سَبيّة، مثل عَطيّة وعَطَايا، وهي فَعِيلة بمعنى مفعولة، أي مسِبيّة.
(يَوْمَ أَوْطَاسٍ) قال النوويّ: أوطاس": موضع عند الطائف.
(لَهُنَّ أَزْوَاجٌ) أي: الذين قاتلوهم، وانتصروا عليهم.
(فَتَحَرَّجُوا) وفي رواية (من غشيانهن) يعني أنهم خافوا الوقوع في الحرج، وهو الإثم بسبب غشيانهنّ، أي وطئهنّ، من أجل أنهنَّ ذوات أزواج، والمزوّجة لا تحلّ لغير زوجها. زاد في رواية مسلم: "من أجل أزواجهنّ من المشركين". قال القرطبيّ: أي ظنّوا أن نكاح أزواجهنّ لم تنقطع عصمته.
(فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ اَلنِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) وفي رواية أخرى (أي: فهن حلال لكم إذا انقضت عدتهن).
قوله (وَالْمُحْصَنَاتُ) بالرفع عطف على المحرّمات السابقة في قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) الآية أي حرّمت عليكم نكاح المحصنات، أي ذوات الأزواج، فإنهنّ حرام على غير أزواجهنّ، إلا ما ملكتم بالسبي، فإنه ينفسخ نكاح أزواجهن الكفار، وتحلّ لكم، إذا انقضى استبراؤها.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد جواز وطء المسبية بعد استبرائها، إما بوضع الحمل إن كانت حاملاً أو بحيضة واحدة إن كانت إن كانت غير حامل.
لقوله (: فهن حلال لكم إذا انقضت عدتهن).
قال النووي: وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ (إِذَا اِنْقَضَتْ عِدَّتهنَّ) أَيْ: اِسْتِبْرَاؤُهُنَّ، وَهِيَ بِوَضْعِ الْحَمْل عَنْ الْحَامِل، وَبِحَيْضَةٍ مِنْ الْحَائِل كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة.
فلا يجوز وطء حامل مسبيّة حتى تضع.
فقد أخرج مسلم عن أبي الدرداء، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أَتَى بامرأة مُجِحٍّ على باب فُسطاط، فقال: "لعله يُريد أن يُلِمَّ بها؟ "، فقالوا: نعم، فقال رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: لقد هممت أن ألعنه، لعنا يدخل معه قبره، كيف يُوَرِّثُهُ، وهو لا يحل له؟، كيف يستخدمه، وهو لا يحل له؟)
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
- أن نكاح المشركين ينفسخ إذا سُبيت زوجاتهم؛ لدخولها في ملك سابيها.
-بيان سبب نزول هذه الآية، وبيان المعنى المراد منها.
- أن فيه دلالة على وجوب توقّف الإنسان، وبحثه، وسؤاله عما لا يتحقّق وجهه، ولا حكمه، وهو دأب من يخاف اللَّه سبحانه وتعالى، ولا يُختَلَف في أن ما لا يتبيّن حكمه لا يجوز الإقدام عليه. قاله القرطبيّ.
- أن فيه دلالةً للمذهب المختار، وهو مذهب جماهير العلماء أن العرب يجري عليهم الرقّ كما يجري على العجم، وأنهم إذا كانوا مشركين، وسُبُوا، جاز استرقاقهم؛ لأن الصحابة سبوا هوازن، وهم عبدة الأوثان، وقد استرقّوهم، ووطئوا سباياهم،. وبهذا قال مالك، والشافعيّ في قوله الصحيح الجديد، وجمهور العلماء. وقال أبو حنيفة، والشافعيّ في قوله القديم: لا يَجري عليهم الرّقّ؛ لشرفهم.
- أن المراد بعدّة المسبيّات تحقّق براءة رحمهنّ، وذلك بوضع حملها، إن كانت حاملًا، وبحيضة إن كانت غير حامل.