للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الماوردي: والدليل في هذا الخبر من وجهين:

أحدهما: أنّ الأعرابي إنما سأله عن فعل شارك فيه زوجته مع جهلها بحكمه، فاقتضى أن يكون جوابه حكمًا لجميع الحادثة.

والثاني: أنه لَمَّا كان تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولم يُنقَل عنه أنه أمر المرأة بالكفارة ولا راسلها بإخراجها مع جهلها بالحكم فيها دلَّ على أنّ الكفارة لا تلزمها.

وقال ابن دقيق العيد: إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعلم المرأة بوجوب الكفارة عليها مع الحاجة إلى الإعلام، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

القول الثاني: عليها الكفارة.

وهو مذهب الجمهور.

لأن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام إلا ما خص بدليل.

قال ابن حجر: ثم إن بيان الحكم للرجل بيان في حقها لاشتراكهما في تحريم الفطر وانتهاك حرمة الصوم كما لم يأمره بالغسل، والتنصيص على الحكم في حق بعض المكلفين كاف عن ذكره في حق الباقين.

وهذا القول هو الصحيح أن على المرأة الكفارة إلا إذا كانت مكرهة فلا شيء عليها.

وأما الجواب عن قول أصحاب القول الأول (وقت الحاجة):

قال الحافظ ابن حجر: وأجيب ممتنع الحاجة إذ ذاك لأنها لم تعترف ولم تسأل، واعتراف الزوج عليها لا يوجب عليها حكماً ما لم تعترف.

• هل تجب الكفارة على من جامع ناسياً؟

اختلف العلماء في المجامع ناسياً: [وقد سبقت المسألة في الحديث الماضي].

وقد استدل من أوجبها على الناسي:

(أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك استفساره عن جماعه، هل كان عن عمد أو نسيان، وترك الاستفصال في الفعل ينزله منزلة العموم في القول).

والجواب عن هذا:

أنه تبين حاله أنه كان متعمداً، لأنه قال (هلكت، واحترقت) فدل على أنه كان عامداً عارفاً بالتحريم.

فالراجح كما سبق أن المجامع ناسياً لا شيء عليه.

• هل يجب على المجامع قضاء اليوم أم لا؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: لا يجب عليه القضاء.

وهذا اختيار ابن تيمية رحمه الله.

لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمره بالقضاء.

القول الثاني: يجب عليه قضاء هذا اليوم.

وهذا مذهب جمهور العلماء.

أ- عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء).

وجه الاستدلال: أن من استقاء عامداً وجب عليه القضاء بنص هذا الحديث، فيكون حكم المجامع في وجوب القضاء مثل حكمه.

ب- واستدلوا أنه جاء عند أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر المجامع بالقضاء فقال له (صم يوماً مكانه) وهذه الزيادة مختلف فيها، فقد ضعفها ابن تيمية، وممن أثبتها الحافظ ابن حجر، وبين أن لها أصلاً كما في الفتح.

ج-واستدلوا: أن الصوم إذا شغلت به الذمة لم تبرأ إلا بالأداء، فإذا فات وقته وجب القضاء.

د-واستدلوا بحديث ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (فاقضوا الله الذي له، فإن الله أحق بالوفاء) رواه البخاري.

وهذا القول هو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>