١٠٧٨ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِنَّ اَللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: أن الطلاق بمجرد النية أو دون النطق به لا يقع.
وهذا هو قول جمهور أهل العلم كما نقله الحافظ في الفتح (٩/ ٣٩٤)، ونقله ابن قدامة في المغني (٧/ ١٢١) عن عامة أهل العلم.
قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن الطلاق لا يقع إلا بلفظ، فلو نواه بقلبه من غير لفظ، لم يقع في قول عامة أهل العلم؛ منهم عطاء، وجابر بن زيد، وسعيد بن جبير، ويحيى بن أبي كثير، والشافعي، وإسحاق.
وروي أيضاً عن القاسم، وسالم، والحسن، والشعبي.
وقال الزهري: إذا عزم على ذلك طلقت.
وقال ابن سيرين، في من طلق في نفسه: أليس قد علمه الله؟.
ولنا، قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، ما لم تتكلم به أو تعمل)
ولأنه تصرف يزيل الملك، فلم يحصل بالنية كالبيع والهبة. (المغني).
ب- ولأن الفرقة في الشرع علقت على لفظ الطلاق، ونية الطلاق ليست لفظاً.
ج-أن إيقاع الطلاق بالنية لا يثبت إلا بالدليل، وليس ثمت دليل على ذلك.
وقال الشيخ ابن باز:
الطلاق بمجرد النية لا يقع، وإنما يقع باللفظ أو الكتابة. واستدل بالحديث السابق. فتاوى إسلامية (٣/ ٢٧٩).
• ما حكم الطلاق لو وقع كتابة؟
إذا كتب الزوج رسالة لزوجته: أنت طالق، سواء كانت بالهاتف المحمول أو على ورقة أو بالبريد الإلكتروني، فهذا يُرجع فيه إلى نيته وقت الكتابة، فإن كان عازماً على الطلاق، وقع الطلاق، وإن كتب ذلك ولم يكن ناوياً للطلاق، وإنما أراد إدخال الحزن على زوجته أو غير ذلك من المقاصد لم يقع الطلاق.
قال ابن قدامة رحمه الله: ولا يقع الطلاق بغير لفظ الطلاق، إلا في موضعين: أحدهما، من لا يقدر على الكلام، كالأخرس إذا طلق بالإشارة، طلقت زوجته …
الموضع الثاني: إذا كتب الطلاق، فإن نواه طلقت زوجته، وبهذا قال الشعبي، والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك وهو المنصوص عن الشافعي.
وإن كتب بلا نية الطلاق، لم يقع عند الجمهور: لأن الكتابة محتملة، فإنه يقصد بها تجربة القلم، وتجويد الخط، وغم الأهل، من غير نية. (المغني).
وقال الشيخ ابن باز: هذا قول الجمهور، لأن الكتابة في معنى الكناية، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا مع النية في أصح قولي العلماء، إلا أن يقترن بالكتابة ما يدل على قصد إيقاع الطلاق فيقع بها الطلاق.