للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• هل تجوز مهادنتهم على غير مال؟

قال ابن قدامة: وَتَجُوزُ مُهَادَنَتُهُمْ عَلَى غَيْرِ مَالٍ.

لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- هَادَنَهُمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى غَيْرِ مَالٍ.

وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّهَا إذَا جَازَتْ عَلَى غَيْرِ مَالٍ، فَعَلَى مَالٍ أَوْلَى.

وَأَمَّا إنْ صَالَحَهُمْ عَلَى مَالٍ نَبْذُلُهُ لَهُمْ، فَقَدْ أَطْلَقَ أَحْمَدُ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ مِنْهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ فِيهِ صَغَارًا لِلْمُسْلِمِينَ.

وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ، فَأَمَّا إنْ دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَخَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْهَلَاكَ أَوْ الْأَسْرَ، فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَسِيرِ فِدَاءُ نَفْسِهِ بِالْمَالِ، فَكَذَا هَا هُنَا، وَلِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ إنْ كَانَ فِيهِ صَغَارٌ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَحَمُّلُهُ لِدَفْعِ صَغَارٍ أَعْظَمَ مِنْهُ، وَهُوَ الْقَتْلُ، وَالْأَسْرُ، وَسَبْيُ الذُّرِّيَّةِ الَّذِينَ يُفْضِي سَبْيُهُمْ إلَى كُفْرِهِمْ. (المغني).

• من الذي يتولى عقد الهدنة؟

الإمام أو نائبه.

قال ابن قدامة: وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَلَا الذِّمَّةِ إلَّا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مَعَ جُمْلَةِ الْكُفَّارِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ وَمَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَلِأَنَّ تَجْوِيزَهُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ يَتَضَمَّنُ تَعْطِيلَ الْجِهَادِ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ إلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَفِيهِ افْتِيَاتٌ عَلَى الْإِمَامِ، فَإِنْ هَادَنَهُمْ غَيْرُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبُهُ، لَمْ يَصِحَّ. (المغني).

• ما الحكم إذا خاف أن ينقضوا العهد؟

قال ابن قدامة: وَإِنْ خَافَ نَقْضَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ، جَازَ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ.

لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ).

يَعْنِي أَعْلِمْهُمْ بِنَقْضِ عَهْدِهِمْ، حَتَّى تَصِيرَ أَنْتَ وَهُمْ سَوَاءٌ فِي الْعِلْمِ، وَلَا يَكْفِي وُقُوعُ ذَلِكَ فِي قَبُولِهِ، حَتَّى يَكُونَ عَنْ أَمَارَةٍ تَدُلُّ عَلَى مَا خَافَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>