للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٠٩ - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي الله عنه- قَالَ (بَعَثَنِي اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى اَلْيَمَنِ، وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَاراً، أَوْ عَدْلَهُ معافرياً) أَخْرَجَهُ اَلثَّلَاثَةِ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِم.

===

(مِنْ كُلِّ حَالِمٍ) أي: بالغ.

(أَوْ عَدْلَهُ) العَدْل ما يساوي قيمة الشيء ومقداره.

(معافرياً) قال ابن الأثير: هي بُرُود باليمن، منسوبة إلى معافر، وهي قبيلة باليمن، والميم زائدة.

• ما صحة حديث الباب؟

صحح الحديث ابن حبّان، والحاكم، وأقرّه الذهبيّ، وحسّنه الترمذيّ.

وقال ابن عبد البرّ في "التمهيد"، و"الاستذكار": إسناده متّصلٌ، صحيح، ثابت. وكذا قال ابن بطّال، كما في "الفتح".

وأعلّه عبد الحقّ في "أحكامه"، فقال: مسروق لم يلق معاذًا. وقال الحافظ في "الفتح": في الحكم بصحّته نظر، لأن مسروقًا لم يلق معاذًا، وإنما حسّنه الترمذيّ لشواهده.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد أن الجزية لا تؤخذ إلا من بالغ، فلا جزية على صبي ولا امرأة.

قال ابن قدامة: قَوله (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ، وَلَا زَائِلِ الْعَقْلِ، وَلَا امْرَأَةٍ).

لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي هَذَا.

وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا أَعْلَمُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ.

وَقَدْ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا:

أ- أَنَّ عُمَرَ -رضي الله عنه- كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، أَنْ اضْرِبُوا الْجِزْيَةَ، وَلَا تَضْرِبُوهَا عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَلَا تَضْرِبُوهَا إلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي رَوَاهُ سَعِيدٌ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالْأَثْرَمُ.

ب- وَقَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لِمُعَاذٍ (خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ بَالِغٍ.

ج- وَلِأَنَّ الدِّيَةَ تُؤْخَذُ لِحَقْنِ الدَّمِ، وَهَؤُلَاءِ دِمَاؤُهُمْ مَحْقُونَةٌ بِدُونِهَا. (المغني).

قال القرطبي: قال علماؤنا رحمة الله عليهم: والذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من الرجال المقاتلين، لأنه تعالى قال (قَاتِلُوا الَّذِينَ) إلى قوله (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) فيقتضي ذلك وجوبها على من يقاتل. ويدل على أنه ليس على العبد وإن كان مقاتلاً، لأنه لا مال له، ولأنه تعالى قال (حَتَّى يُعْطُوا) ولا يقال لمن لا يملك حتى يعطي. وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني. (تفسير القرطبي).

<<  <  ج: ص:  >  >>