٦١٢ - وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (فِيمَا سَقَتِ اَلسَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا: اَلْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ: نِصْفُ اَلْعُشْرِ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيّ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ: (أَوْ كَانَ بَعْلًا: اَلْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوِ اَلنَّضْحِ: نِصْفُ اَلْعُشْرِ).
===
(فِيمَا سَقَتِ اَلسَّمَاءُ) المراد بذلك المطر.
(وَالْعُيُونُ) هي الينابيع التي تنبع من الأرض أو من سفوح الجبال.
(أَوْ كَانَ عَثَرِياً) بفتح العين قال الخطابي: هو الذي يشرب بعروقه من غير سقي.
(بِالنَّضْحِ) سقي الزرع بالماء الذي ينضحه [يخرجه] الناضح، وهو البعير.
(بَعْلاً) البعل: الأشجار التي تشرب بعروقها من الأرض.
(السَّوَانِي) جمع سانية، وهي الدابة من الإبل أو البقر أو الحمر ذاهبة وآيبة تخرج الماء من البئر.
• كم مقدار الواجب في الحبوب والثمار إذا بلغت نصاباً؟
المقدار يختلف:
أ-فإذا سقيت بماء السماء والأنهار (بلا مؤنة) ففيها العشر.
ب-وإذا سقيت بالنواضح (بمؤنة) ففيها نصف العشر.
قال النووي: وَفِي هَذَا الْحَدِيث وُجُوب الْعُشْر فِيمَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاء وَالْأَنْهَار وَنَحْوهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مُؤْنَة كَثِيرَة، وَنِصْف الْعُشْر فِيمَا سُقِيَ بِالنَّوَاضِحِ وَغَيْرهَا مِمَّا فِيهِ مُؤْنَة كَثِيرَة، وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ.
وقال ابن قدامة: وَفِي الْجُمْلَةِ كُلُّ مَا سُقِيَ بِكُلْفَةٍ وَمُؤْنَةٍ، مِنْ دَالِيَةٍ أَوْ سَانِيَةٍ أَوْ دُولَابٍ أَوْ نَاعُورَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ، فَفِيهِ الْعُشْرُ؛ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ لِلْكُلْفَةِ تَأْثِيرًا فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ جُمْلَةً، بِدَلِيلِ الْمَعْلُوفَةِ، فَبِأَنْ يُؤَثِّرَ فِي تَخْفِيفِهَا أَوْلَى، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي الْمَالِ النَّامِي، وَلِلْكُلْفَةِ تَأْثِيرٌ فِي تَقْلِيلِ النَّمَاءِ، فَأَثَّرَتْ فِي تَقْلِيلِ الْوَاجِبِ فِيهَا.
• ما الحكمة من هذا التفريق؟
لأن ما سقي بمؤونة أشق على المالك فخفف مقدار الواجب.
قال الخطابي: وإنما كان وجوب الصدقة مختلف المقادير في النوعين، لأن ما عمت منفعته، وخفت مؤنته، كان أحمل للمواساة، فاُوجِب فيه العشر، توسعة على الفقراء، وجعل فيما كثُرت مؤونته نصف العشر، رفقاً بأرباب الأموال.
• ما الحكم إذا كان يسقى بمؤنة تارة وبغير مؤنة تارة متساوياً؟
إن وجد ما يسقى بالنضح تارة، وبالمطر تارة، فإن كان ذلك على جهة الاستواء وجب ثلاثة أرباع العشر، وهو قول أهل العلم.
قال ابن قدامة: لا نعلم فيه خلافاً.