١٤٧٧ - وَعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ اَلْخَطَّائِينَ اَلتَّوَّابُونَ) أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ ..
===
[ما صحة حديث الباب؟]
سنده قوي كما قال المصنف رحمه الله.
وقد ضعف الحديث جماعة.
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد أنه لا يسلم أحد من الخطأ والذنب، لكن أفضل هؤلاء من يتوب ويرجع إلى الله.
وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (لو لم تذنبوا لذهب بكم ولجاء بقوم … ).
وقد قال تعالى (يا عبادي إنكم تذنبون بالليل … ).
[ما الحكمة من وقوع الإنسان في المعصية؟]
قال ابن تيمة: وإذا ابتلى العبد بالذنب، وقد علم أنه سيتوب منه ويتجنبه، ففي ذلك من حكمة الله ورحمته بعبده:
أن ذلك يزيده عبودية وتواضعاً وخشوعاً وذلاً ورغبة في كثرة الأعمال الصالحة ونفرة قوية عن السيئات، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).
وذلك أيضاً يدفع عنه العُجب والخيلاء ونحو ذلك مما يعرض للإنسان.
وهو أيضاً يوجب الرحمة لخلق الله ورجاء التوبة والرحمة لهم إذا أذنبوا وترغيبهم في التوبة.
وهو أيضاً يبين من فضل الله وإحسانه وكرمه ما لا يحصل بدون ذلك، كما في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم).
وهو أيضاً يبين قوة حاجة العبد إلى الاستعانة بالله والتوكل عليه واللجأ إليه في أن يستعمله في طاعته ويجنبه معصيته، وأنه لا يملك ذلك إلا بفضل الله عليه وإعانته له، فإن من ذاق مرارة الابتلاء وعجزه عن دفعه إلا بفضل الله ورحمته، كان شهود قلبه وفقره إلى ربه واحتياجه إليه في أن يعينه على طاعته ويجنبه معصيته أعظم ممن لم يكن كذلك. ولهذا قال بعضهم كان داود -صلى الله عليه وسلم- بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة. وقال بعضهم لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه.
ولهذا تجد التائب الصادق أثبت على الطاعة وأرغب فيها وأشد حذرا من الذنب من كثير من الذين لم يبتلوا بذنب.