١١٦٦ - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رضي الله عنه- (أَنَّ غُلَامًا لِأُنَاسٍ فُقَرَاءَ قَطَعَ أُذُنَ غُلَامٍ لِأُنَاسٍ أَغْنِيَاءَ، فَأَتَوا اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ شَيْئاً) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالثَّلَاثَةُ، بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
===
• ما أقوال العلماء في معنى الحديث؟
أشكل هذا الحديث على العلماء حيث أن الجاني عمداً عليه القصاص أو الدية، وإذا كان خطأ فالدية تحملها العاقلة، وهنا لم يجعل عليهم شيئاً.
قال الخطابي: معنى هذا أن الغلام الجاني كان حراً وكانت جنايته خطأ وكانت عاقلته فقراء وإنما تواسي العاقلة عن وُجْد وسعة ولا شيء على الفقير منهم.
ويشبه أن يكون الغلام المجني عليه أيضاً حراً لأنه لو كان عبداً لم يكن لاعتذار أهله بالفقر معنى لأن العاقلة لا تحمل عبداً كما لا تحمل عمداً، ولا اعترافاً، وذلك في قول أكثر أهل العلم.
فأما الغلام المملوك إذا جنى على عبد أو حرٍّ فجنايته في رقبته في قول عامة الفقهاء. (معالم السنن).
وقال ابن كثير في تفسيره: وهذا إسناد قوي رجاله كلهم ثقات فإنه حديث مشكل، اللهم إلا أن يقال: إن الجاني كان قبل البلوغ، فلا قصاص عليه، ولعله تحمل أرش ما نقص من غلام الأغنياء عن الفقراء، أو استعفاهم عنه.
• هل يجري القصاص بين العبيد في النفس أو فيما دونها؟
أما فِي النفس، فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يجري القصاص بين العبيد فِي النفس.
رُوي ذلك عن عمر بن عبد العزيز، وسالم، والنخعي، والشعبي، والزهري، وقتادة، والثوري، ومالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد.
ورُوي عن أحمد رواية أخرى: أن منْ شرط القصاص تساوي قيمتهم، وإن اختلفت قيمتهم، لم يجر بينهم قصاص، قَالَ الموفّق: وينبغي أن يختص هَذَا بما إذا كانت قيمة القاتل أكثر، فإن كانت أقل فلا، وهذا قول عطاء.
وذهب ابن عباس إلى أنه ليس بين العبيد قصاص فِي نفس، ولا جرح؛ لأنهم أموال.
واحتجّ الأولون:
أ- بقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) وهذا نص منْ الكتاب، فلا يجوز خلافه.
ب- ولأن تفاوت القيمة كتفاوت الديةِ والفضائلِ، فلا يمنع القصاص، كالعلم، والشرف، والذكورية، والأنوثية.
وأما فيما دون النفس، فقد ذهبت طائفة إلى أنه أيضًا يجري القصاص بينهم فيها، وبه قَالَ عمر بن عبد العزيز، وسالم، والزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وابن المنذر.