وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال (الخمرُ مِنْ هَاتَينِ الشَّجرتين: النخلة والعِنبة)، وهذا صريح في أنَّ نبيذ التمر خمر.
وقال ابن عثيمين: كل ما أسكر فهو خمر سواء كان من العنب أو من التمر أو من الشعير أو من البر أو من غير ذلك، كل ما أسكر فهو خمر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، والإسكار هو تغطية العقل على وجه اللذة والطرب ليس مجرد تغطية العقل، ولهذا البنج ليس مسكراً وإن كان يغطي العقل، والمبنج لا يدري ماذا حصل له، لكن الخمر ـ نسأل الله العافية ـ يجد الإنسان من السكر لذة وطرباً ونشوى حتى يتصور أنه ملك من الملوك وأنه فوق الثريا وما أشبه ذلك. انتهى.
- قوله (كل مسكر خمر) كل من أقوى ألفاظ العموم، فكل مسكر يسمى خمراً كما هو قول الجمهور، وهو ما تدل عليه الأدلة.
قوله (وكل مسكر حرام) فكل ما أسكر فهو حرام قل أم كثر؛ لحديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ما أسكر كثيره فقليله حرام).
• قوله (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُه حرام) جمهور أهل العلم على أن أي طعام أو شراب حصل الإسكار بشرب كمية منه فإنه يصير محرماً، لا فرق بين كثيره المسكر وقليله الذي لا يسكر، وخالف في هذا الحنفية وهم محجوجون بالأحاديث السابقة، وهي صحيحة.
قال الشيخ ابن عثيمين: … ولا تظن أن أي نسبة من الخمر تكون في شيء تجعله حراماً بل النسبة إذا كانت تؤثر بحيث إذا شرب الإنسان من هذا المختلط بالخمر سكر صار حرماً أما إذا كانت نسبة ضئيلة تضاءلت وانمحى أثرها ولم تؤثر فإنه يكون حلالاً.
وقال رحمه الله … وقد ظن بعض الناس أن قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ). أن معناه ما خلط بيسير فهو حرام ولو كان كثيراً، وهذا فهم خاطئ فالحديث: ما أسكر كثيرة فقليله حرام، يعني أن الشيء الذي إذا أكثرت منه حصل السكر، وإذا خففت منه لم يحصل السكر، يكون القليل والكثير حراماً، لأنك ربما تشرب القليل الذي لا يسكر، ثم تدعوك نفسك إلى أن تكثر فتسكر، وأما ما اختلط بمسكر ونسبة المسكر فيه قليلة لا تؤثر فهذا حلال ولا يدخل في الحديث " اهـ.
• فائدة:
يجب التفريق بين نوعين من البيرة:
الأول: البيرة المسكرة التي تباع في بعض البلاد، فهذه البيرة خمر، حرام بيعها وشراؤها وشربها، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ).
ويحرم شرب الكثير والقليل منها، ولو قطرة واحدة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) رواه الترمذي صححه الألباني في صحيح الترمذي.
الثاني: البيرة غير المسكرة، إما لكونها خالية تماماً من الكحول، أو موجود بها نسبة ضئيلة من الكحول لا تصل إلى حد الإسكار مهما أكثر الإنسان من الشرب منها، فهذه هي التي أفتى العلماء بأنها حلال.