وقال رحمه الله: وإذا كَانَتْ جَمِيعُ الْحَسَنَاتِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ شَيْئَيْنِ: أَنْ يُرَادَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ؛ وَأَنْ تَكُونَ مُوَافِقَةً لِلشَّرِيعَةِ. فَهَذَا فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ؛ فِي الْكَلِمِ الطَّيِّبِ؛ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ فِي الْأُمُورِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْأُمُورِ الْعِبَادِيَّةِ. وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (إنَّ أَوَّلَ ثَلَاثَةٍ تُسْجَرُ بِهِمْ جَهَنَّمُ: رَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَأَقْرَأهُ لِيَقُولَ النَّاسُ: هُوَ عَالِمٌ وَقَارِئٌ. وَرَجُلٌ قَاتَلَ وَجَاهَدَ لِيَقُولَ النَّاسُ: هُوَ شُجَاعٌ وَجَرِيءٌ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ وَأَعْطَى لِيَقُولَ النَّاسُ: جَوَادٌ سَخِيٌّ) فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ هُمْ بِإِزَاءِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ بَعْدَ النَّبِيِّينَ مِنْ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّ مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ وَعَلَّمَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ كَانَ صِدِّيقًا، وَمَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَقُتِلَ كَانَ شَهِيدًا، وَمَنْ تَصَدَّقَ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ كَانَ صَالِحًا، وَلِهَذَا يَسْأَلُ الْمُفْرِطُ فِي مَالِهِ الرَّجْعَةَ وَقْتَ الْمَوْتِ؛ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ أُعْطِيَ مَالًا فَلَمْ يَحُجَّ مِنْهُ وَلَمْ يُزَكِّ سَأَلَ الرَّجْعَةَ وَقْتَ الْمَوْتِ وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ).
قال ابن قدامة: اعلم أن أصل الرياء حب الجاه والمنزلة، وإذا فُصل رجع إلى ثلاثة أصول:
أولاً: حب لذة الحمد.
ثانياً: الفرار من ألم الذم.
ثالثاً: الطمع فيما في أيدي الناس.
[اذكر بعض أقوال السلف في التحذير من الرياء؟]
قال شداد بن أوس قال عند موته: إن أخوف ما أخاف عليكم: الرياء، الشهوة الخفية.
وقال سهل: لا يعرف الرياء إلا مخلص.
وقال ابن القيم: وكل ما لم يكن لله فبركته منزوعة.
وكان عكرمة يقول: أكثروا من النية الصالحة فإن الرياء لا يدخل النية.
وكان الثوري يقول: كل شيء أظهرته من عملي فلا أعده شيئاً.
وعن عبدة قال: إن أقرب الناس من الرياء آمنهم منه.
وقال الربيع بن خثيم: كل ما لا يراد به وجه الله يضمحل.
وقال بشر بن الحارث: قد يكون الرجل مرائياً بعد موته، يحب أن يكثر الخلق بعد موته.
قال ابن رجب: ما ينظر المرائي إلى الخلق في عمله إلا لجهله بعظمة الخالق .. المرائي يزور التواقيع على اسم الملك ليأخذ البراطيل لنفسه ويوهم أنه من خاصة الملك وهو ما يعرفه بالكليه … نقش المرائي على الدرهم الزائد اسم الملك ليروج والبهرج ما يجوز إلا على غير الناقد.
قال ابن القيم: أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالإخلاص.
وقال: كل نفس يخرج في غير ما يقرب إلى الله، فهو حسرة على العبد في معاده، ووقفة له في طريق سيره، أو نكسة إن استمر، أو حجاب إن انقطع به