للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٥٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ اَلنَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا، أَدَّى اَللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلَافَهَا، أَتْلَفَهُ اَللَّهُ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.

===

(مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ اَلنَّاسِ) هذا عام في أخذ الأموال عن طريق القرض، أو البيع إلى أجل، أو الشركة، أو العارية، أو أي معاملة من وجوه المعاملات الأخرى.

(يُرِيدُ أَدَاءَهَا) أي: عند أخذه لها كانت نيته الوفاء والأداء مما يرزقه الله تعالى.

(أَدَّى اَللَّهُ عَنْهُ) تأدية الله عنه يشمل تيسيره تعالى لقضائها في الدنيا بأن يعينه الله يوسع رزقه، ويسوق له من المال ما يقضي به دينَه لحسن نيته، ويشمل أداءها عنه في الآخرة بإرضائه غريمه بما شاء الله، فإن فاته الأول في دار الدنيا لم يفته الثاني - إن شاء الله - في الدار الآخرة لحسن نيته.

(وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلَافَهَا) أي: عند أخذه لها لم تكن نيته الوفاء، بل يريد إتلاف ما أخذ على صاحبه، وهو يشمل ما إذا إدّان وليس عنده نية الوفاء، أو أخذها بلا حاجة وإنما يريد إتلافها على صاحبها.

(أَتْلَفَهُ اَللَّهُ) في الدنيا بإتلاف الشخص نفسه وإهلاكه، ويدخل فيه إتلاف ماله وجاهه وطيب عيشه وتضييق أموره وتعسيره مطالبه.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: الترغيب في حسن النية عند الاستدانة من الناس، وأن من استدان ونيته الوفاء أعانه الله.

فقد روى النسائي: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ (أَنَّ مَيْمُونَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَدَانَتْ فَقِيلَ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَسْتَدِينِينَ وَلَيْسَ عِنْدَكِ وَفَاءٌ، قَالَتْ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: مَنْ أَخَذَ دَيْنًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ، أَعَانَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ)

• اذكر حالات المدين؟

للمدين له حالات:

الحالة الأولى: إذا أخذ الدين بنية عدم الوفاء.

فإنه آثم سواء مات ولم يوفه أو أعسر في حياته، فإنه يؤاخذ يوم القيامة.

لأنه غير معذور بالاستدانة، ولأنه قصد استهلاك مال المسلم بغير وجه حق، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ … )

ومما يدل على ذلك أيضاً:

أ-حديث أَبي هُرِيْرَةَ رضي اللَّه عنه عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال (مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ، مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ، فَلْيتَحَلَّلْه منْه الْيوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يكُونَ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَملٌ صَالحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقدْرِ مظْلمتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سيِّئَاتِ صاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ) رواه البخاري

ب-وعنه. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (أتدْرُون من الْمُفْلِسُ؟ قالُوا: الْمُفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ. فقال: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقيامةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وزَكَاةٍ، ويأْتِي وقَدْ شَتَمَ هذا، وقذَف هذَا وَأَكَلَ مالَ هَذَا، وسفَكَ دَم هذَا، وَضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذَا مِنْ حسَنَاتِهِ، وهَذا مِنْ حسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حسناته قَبْلَ أَنْ يقْضِيَ مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرحَتْ علَيْه، ثُمَّ طُرِح في النَّارِ) واه مسلم.

ج-وعن أَبِي هريرة أَنْ رسولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال (لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقيامَةِ حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الْجَلْحَاء مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاء) رواه مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>