• ما رأيك بمن يقول إن الرخصة خاصة بعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام؟
هذا القول مردود من وجهين:
الأول: أن العبرة في نصوص الشارع بعموم لفظها لا بخصوص سببها.
الثاني: أنه قد تقرر في الأصول أن ما ثبت في حق صحابي ثبت في حق غيره، ما لم يقم دليل على اختصاصه بذلك، إذ لا فرق بين هذين الصحابيين اللذين رخص لهما النبي -صلى الله عليه وسلم- في لبس الحرير عند الحاجة وبين غيرهما من أفراد الأمة في هذا.
قال ابن القيم: فالذى استقرت عليه سُنَّته -صلى الله عليه وسلم- إباحةُ الحرير للنساء مطلقاً، وتحريمه على الرجال إلا لحاجةٍ ومصلحةٍ راجحةٍ، فالحاجة إمَّا من شِدَّة البرد، ولا يَجِدُ غيرَه، أو لا يجدُ سُترةً سواه، ومنها: لباسه للجرب، والمرض، والحِكةِ، وكثرة القَمْل كما دلّ عليه حديث أنس هذا الصحيح.
والجواز: أصح الروايتين عن الإمام أحمدَ، وأصحُ قولى الشافعى، إذ الأصلُ عدمُ التخصيص، والرخصةُ إذا ثبتت فى حقِّ بعض الأُمة لمعنى تعدَّتْ إلى كُلِّ مَنْ وُجِدَ فيه ذلك المعنى، إذ الحكمُ يَعُم بعُمُوم سببه.
• ما حكم لبس الحرير حال القتال والحرب؟
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: يباح لبس الحرير في الحرب مطلقاً لحاجة كان أم لا.
وهذا ذهب إليه جمع من السلف، منهم عطاء بن أبي رباح، وعروة بن الزبير، والمذهب عند الحنابلة.
أ- لحديث الشعبي قال (رخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في لباس الحرير عند القتال) وهذا حديث ضعيف.
ب- عن الحسن قال (كان المسلمون يلبسون الحرير في الحرب) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى.
ج- أن المنع من لبس الحرير للرجال إنما هو من أجل ما يورثه لابسه من الخيلاء وكسر قلوب الفقراء والمساكين، والخيلاء في وقت المعركة والحرب غير مذموم.
القول الثاني: يجوز لبس الحرير للرجال عند الحاجة، أما مع عدم الحاجة فلا يجوز له لبسه.
وإليه ذهب الشافعية في الوجه الصحيح عندهم.
أ- لحديث أنس (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص لعبد الرحمن بن عوف … ).
وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لهما في لبس الحرير لحاجتهما إليه، وقد كان ذلك في الغزو، ولم يثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- رخص في لبس الحرير حال الحرب مطلقاً، فدل هذا على أنه لا يجوز لبس الحرير في الحرب إلا عند الحاجة إليه.