القول الثاني: أنه يجوز.
وهذا مذهب المالكية والشافعية.
أ-لحديث أبي محذورة وما جاء في تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- له الأذان، وفيه: ( … ثم دعا لي حين قضيت التأذين فأعطاني صُرةً فيها شيء من فضة) رواه أحمد والنسائي.
وقالوا: إن حديث الباب (واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً) محمول على الندب والورع.
لكن أجاب أصحاب القول الأول عن حديث أبي محذورة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه صرة من فضة تأليفاً لقلبه وليس أجرةً على أذانه.
القول الثالث: أنه لا يجوز إلا في حالة الحاجة من غير شرط. (كأن يكون الآخذ فقيراً).
واختار هذا ابن تيمية.
وعللوا المنع بحديث عثمان بن أبي العاص.
وعللوا الجواز في حالة الحاجة: بقلة من يقوم بالأذان حسبة لله تعالى، فبمراعاته للأوقات والاشتغال به يقلّ اكتسابه عما يكفيه لنفسه وعياله، فيأخذ الأجرة لئلا يمنعه الاكتساب عن إقامة هذه الوظيفة الشريفة.
قال ابن تيمية بعد أن ذكر الأقوال الماضية: وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُحْتَاجِ وَغَيْرِهِ - وَهُوَ أَقْرَبُ - قَالَ: الْمُحْتَاجُ إذَا اكْتَسَبَ بِهَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَنْوِيَ عَمَلَهَا لِلَّهِ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ لِيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى الْعِبَادَةِ؛ فَإِنَّ الْكَسْبَ عَلَى الْعِيَالِ وَاجِبٌ أَيْضًا فَيُؤَدِّي الْوَاجِبَاتِ بِهَذَا؛ بِخِلَافِ الْغَنِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَسْبِ فَلَا حَاجَةَ تَدْعُوهُ أَنْ يَعْمَلَهَا لِغَيْرِ اللَّهِ؛ بَلْ إذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ أَغْنَاهُ وَهَذَا فُرِضَ عَلَى الْكِفَايَةِ: كَانَ هُوَ مُخَاطَبًا بِهِ وَإِذَا لَمْ يَقُمْ إلَّا بِهِ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ عَيْنًا.
• هل يجوز للمسلمين أن يعيّنوا شخصاً يؤذن فيهم ويُجمع له راتب؟
نعم، لا بأس بشرط ألا يشارطهم ويقول: لا أؤذن إلا بكذا وكذا.
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
- جواز طلب الإمامة في الخير، وقد ورد في أدعية عباد الرحمن الذين وصفهم الله بتلك الأوصاف أنهم يقولون (واجعلنا للمتقين إماماً) وليس من طلب الرياسة المكروهة، فإن ذلك فيما يتعلق برياسة الدنيا التي لا يعان من طلبها ولا يستحق أن يعطاها.
- أنه يجب على إمام الصلاة أن يلاحظ حال المصلين خلفه، فيجعل أضعفهم كأنه المقتدي به، فيخفف لأجله.
- أن نصب الأئمة إلى ولي الأمر.
- أن الأفضل والأكمل للمؤذن أن لا يأخذ أجراً على أذانه، بل يجعل الأذان خالصاً لله تعالى.