• ماذا نستفيد من قوله (خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ)؟
نستفيد أن نفقة الزوجة مقدرة بالكفاية. (وهذا قول الجمهور).
فأمرها أن تأخذ الكفاية بالمعروف، ولم يقدر لها نوعاً ولا قدراً، ولو تقدر ذلك بشرع أو غيره لبين لها القدر والنوع كما بين فرائض الزكاة والديات.
وفي خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف).
قال الحافظ ابن حجر عند شرحه لحديث هند: وفيه وجوب نفقة الزوجة، وأنها مقدرة بالكفاية، وهو قول أكثر العلماء.
وقال النووي في شرحه لحديث الباب: وفيه أَنَّ النَّفَقَة مُقَدَّرَة بِالْكِفَايَةِ لَا بِالْأَمْدَادِ، وَمَذْهَب أَصْحَابنَا أَنَّ نَفَقَة الْقَرِيب مُقَدَّرَة بِالْكِفَايَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِر هَذَا الْحَدِيث، وَنَفَقَة الزَّوْجَة مُقَدَّرَة بِالْأَمْدَادِ عَلَى الْمُوسِر كُلّ يَوْم مُدَّانِ، وَعَلَى الْمُعْسِر مُدّ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّط مُدّ وَنِصْف، وَهَذَا الْحَدِيث يَرُدّ عَلَى أَصْحَابنَا. (شرح مسلم).
وقال ابن قدامة: والنفقة مقدرة بالكفاية، وتختلف باختلاف من تجب له النفقة في مقدارها.
وبهذا قال أبو حنيفة، ومالك، ثم قال: .... ولنا، قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لهند (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف).
فأمرها بأخذ ما يكفيها من غير تقدير، ورد الاجتهاد في ذلك إليها، ومن المعلوم أن قدر كفايتها لا ينحصر في المدين، بحيث لا يزيد عنهما ولا ينقص.
ولأن الله تعالى قال (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف).
وإيجاب أقل من الكفاية من الرزق ترك للمعروف، وإيجاب قدر الكفاية، وإن كان أقل من مد أو من رطلي خبز، إنفاق بالمعروف، فيكون ذلك هو الواجب بالكتاب والسنة.
واعتبار النفقة بالكفارة في القدر لا يصح؛ لأن الكفارة لا تختلف باليسار والإعسار، ولا هي مقدرة بالكفاية، وإنما اعتبرها الشرع بها في الجنس دون القدر، ولهذا لا يجب فيها الأدم. (المغني).
وذهب الشافعي إلى أنها مقدرة بالأمداد فعلى الموسر كل يوم مدان والمتوسط مد ونصف والمعسر مد، وهذا القول ضعيف.
• متى تجب النفقة؟
تجب النفقة بشرطين:
الأول: إذا سلّمت نفسها لزوجها، أو بذلت نفسها.
الثاني: أن تكون ممن يوطأ مثلها. (وهي بنت تسع سنين).
(الأئمة الأربعة إلى أنّ الزوجة وإن استلمها الزوج إذا كان مثلها لا يوطأ فإنه لا يجب عليه النفقة. ولو كانت مما يمكن أن يستأنس بها بالحديث أو تقوم بخدمته، وقيل: أنه إذا كانت المرأة يمكن للزوج أن يستأنس بها بالحديث أو بالخدمة فإنه يجب عليه أن ينفق عليها وإن كان لا يوطأ مثلها إذا سلمت نفسها له. واختار هذا القول أبو يوسف من الأحناف، وقيل: أنّ المرأة إذا سلمت نفسها للزوج وتسلمها فإنه يجب أن ينفق عليها مطلقاً بلا شرط ولا قيد).