للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• هل يجب على المرأة أن تنقض شعرها للغسل من الحيض؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:

القول الأول: يجب عليها أن تنقضه للغسل من الحيض.

وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة وهو قول الظاهرية واختيار ابن القيم.

أ- ما رواه مسلم من طريق إبراهيم بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَ: سَمِعْتُ صَفِيَّةَ تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ (أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتْ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ فَقَالَ: تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِينَ بِهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ، وَسَأَلَتْهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ: تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ أو تُبْلِغُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا الْمَاءَ) الحديث.

قال ابن القيم رحمه الله: وهذا دليل أنه لا يكتفى فيه بمجرد إفاضة الماء كغسل الجنابة … ففرق بين غسل الحيض والجنابة في هذا الحديث، وجعل غسل الحيض أكثر، ولهذا أمر فيه بالسدر المتضمن لنقضه.

ب-ما رواه مسلم من طريق عروة عن عائشة. قالت (خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع فأهللت بعمرة ولم أكن سقت الهدي … الحديث وفيه: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لها حين حاضت: انقضي رأسك وامتشطي وأمسكي عن العمرة)، فأمرها بنقض رأسها وهي تغتسل من الحيض.

ج- أن الأصل نقض الشعر لتيقن وصول الماء إلى ما تحته، إلا أنه عفي عنه في غسل الجنابة لتكرره ووقوع المشقة الشديدة في نقضه، بخلاف غسل الحيض فإنه في الشهر مرة.

القول الثاني: أنه لا يجب نقضه في غسل الحيض.

وهذا قول جمهور العلماء، اختار هذا القول ابن قدامة وصاحب الشرح الكبير ابن أبي عمر، واختاره الشوكاني والسعدي ومحمد بن إبراهيم.

أ- لحديث الباب (أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ اَلْجَنَابَةِ؟ وَفِي رِوَايَةٍ: وَالْحَيْضَةِ؟ فَقَالَ: لا … )، ولو كان النقض واجباً لذكره لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

ب-ولما ورد في إنكار عائشة على ابن عمرو في غسلها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنها لا تزيد على أن تفرغ على رأسها ثلاث فراغات.

ج- ولأنه موضع من البدن فاستوى فيه الحيض والجنابة كسائر البدن.

وهذا القول هو الراجح.

قال الشيخ ابن باز: والصحيح أنه لا يجب عليها نقضه في غسل الحيض، لما رود في بعض روايات أم سلمة عند مسلم أنها قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (إني امرأة أشد ظفر رأسي، أفأنقضه للحيض والجنابة؟ قال: لا)، ومذهب الجمهور أنه إذا وصل الماء إلى جميع شعرها ظاهره وباطنه من غير نقض، لم يجب النقض.

• ما الحكمة من التفريق بين الجنابة والحيض عند من يقول به؟

الحكمة: أن الأصل وجوب نقض الشعر، ليتحقق وصول الماء إلى ما يجب غسله، فعفي عنه في غسل الجنابة، لأنه يكثر فيشق ذلك فيه، بخلاف الحيض فالغالب أنه في الشهر مرة فلا مشقة في نقضه، فيبقى على مقتضى الأصل، وهو الوجوب.

• وهل للرجل نفس الحكم إذا ضفّر شعره؟

قال ابن قدامة: والرجل والمرأة في هذا سواء، وإنما خصت المرأة بالذكر لأن العادة اختصاصها بكثرة الشعر وتوفيره وتطويله.

<<  <  ج: ص:  >  >>