للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٢١٢ - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصِينٍ -رضي الله عنه- (أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا- فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلِيَّهَا. فَقَالَ: «أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِي بِهَا» فَفَعَلَ، فَأَمَرَ بِهَا فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَتُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ: «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدَتْ أَفَضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

===

(أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ) وهي قبيلة معروفة.

(وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا) اعتراف منها بالزنا.

(فَإِذَا وَضَعَتْ) أي: ولدت.

(فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ (فَشُكَّتْ)، وَفِي بَعْضهَا (فَشُدَّتْ) بِالدَّالِ بَدَل الْكَاف، وَهُوَ مَعْنَى الْأَوَّل.

(ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ) أي: أمر الناس.

(ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا) أي: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- على تلك المرأة.

(لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً) عظيمة.

(لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ) أي: لكفتهم.

(وَهَلْ وَجَدَتْ) بتاء الخطاب، والخطاب لعمر.

(أَفَضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ) من الجود، كأنها تصدقت بنفسها لله تعالى، حيث أقرت عليها بما أدى إلى موتها.

• هل هذه المرأة هي الغامدية المذكورة في حديث بريدة؟

اختلف العلماء في ذلك:

فذهب بعض العلماء إلى أن هذه المرأة هي المعروفة بالغامدية التي روى حديثها بريدة.

عن بُرَيْدَةَ (أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الأَسْلَمِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِى وَزَنَيْتُ وَإِنّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي. فَرَدَّهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ. فَرَدَّهُ الثَّانِيَةَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ «أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا تُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا». فَقَالُوا مَا نَعْلَمُهُ إِلاَّ وَفِىَّ الْعَقْلِ مِنْ صَالِحِينَا فِيمَا نُرَى فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا فَسَأَلَ عَنْهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا بِعَقْلِهِ فَلَمَّا كَانَ الرَّابِعَةَ حَفَرَ لَهُ حُفْرَةً ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.

قَالَ فَجَاءَتِ الْغَامِدِيَّةُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي. وَإِنَّهُ رَدَّهَا فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ تَرُدُّنِي لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا فَوَاللَّهِ إِنِّي لَحُبْلَى. قَالَ «إِمَّا لَا فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِى». فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِىِّ فِي خِرْقَةٍ قَالَتْ هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ. قَالَ «اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ». فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِالصَّبِىِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ فَقَالَتْ هَذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ فَطَمْتُهُ وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ. فَدَفَعَ الصَّبِىَّ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ فَرَمَى رَأْسَهَا فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ فَسَبَّهَا فَسَمِعَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَبَّهُ إِيَّاهَا فَقَالَ «مَهْلاً يَا خَالِدُ فَوَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ». ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ).

ورجح هذا النووي.

وقيل: هما قصتان، للاختلاف الشديد بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>