للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٦٩٩ - وَعَنْهَا قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى اَلْفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

===

(مُعْتَكَفَهُ) أي مكان اعتكافه.

• متى يدخل المعتكِف معتكفَه؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: يدخل من بعد صلاة الصبح من يوم إحدى وعشـ ٢١ ـرين.

قال ابن حجر: وهو قول الأوزاعي والليث والثوري.

ومال إليه الصنعاني.

لحديث الباب.

قال الخطابي: وفيه من الفقه: أن المعتكف يبتداء اعتكافه من أول النهار، ويدخل في معتكفه بعد أن يصلي الفجر.

وقال الصنعاني: فيه دليلٌ على أنّ أول وقت الاعتكاف بعد صلاة الفجر، وهو ظاهر في ذلك.

القول الثاني: يدخل قبيل غروب الشمس من يوم العشرين (ليلة إحدى وعشـ ٢١ ـرين).

ونسبه الحافظ ابن حجر إلى الأئمة الأربعة.

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: يدخل المعتكف معتكفه بأن يدخل المسجد الذي يريد الاعتكاف فيه إذا غابت الشمس من ليلة العشرين من رمضان، ويخرج إذا غابت الشمس من الليلة الأولى من شهر شوال … والعشر الأواخر من رمضان تدخل من ليلة إحدى وعشرين وليس من فجر إحدى وعشرين.

وهذا القول هو الصحيح.

١ - أنه ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان. متفق عليه، وهذا يدل على أنه كان يعتكف الليالي لا الأيام، لأن العشر تمييز لليالي، قال الله تعالى (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، والعشر الأواخر تبدأ من ليلة إحدى وعشرين.

٢ - قالوا: إن من أعظم ما يقصد من الاعتكاف التماس ليلة القدر، وليلة إحدى وعشرين من ليالي الوتر في العشر الأواخر فيحتمل أن تكون ليلة القدر، فينبغي أن يكون معتكفاً فيها.

قال ابن تيمية: لأنه لا يكون معتكفًا جميع العشر إلا باعتكاف أول ليلة منه، لا سيما وهي إحدى الليالي التي يلتمس فيها ليلة القدر.

• ما الجواب عن حديث الباب؟

الجواب من وجهين:

الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان معتكفاً قبل غروب الشمس ولكنه لم يدخل المكان الخاص بالاعتكاف إلا بعد صلاة الفجر.

قال النووي: (إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِف صَلَّى الْفَجْر ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفه) اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُول: يَبْدَأ بِالاعْتِكَافِ مِنْ أَوَّل النَّهَار، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْث فِي أَحَد قَوْلَيْهِ، وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد: يَدْخُل فِيهِ قَبْل غُرُوب الشَّمْس إِذَا أَرَادَ اِعْتِكَاف شَهْر أَوْ اِعْتِكَاف عَشْر، وَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكَف، وَانْقَطَعَ فِيهِ، وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْد صَلَاته الصُّبْح، لا أَنَّ ذَلِكَ وَقْت اِبْتِدَاء الاعْتِكَاف، بَلْ كَانَ مِنْ قَبْل الْمَغْرِب مُعْتَكِفًا لابِثًا فِي جُمْلَة الْمَسْجِد، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْح اِنْفَرَدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>