رابعاً: ومِن تسوية الصُّفوف: التقاربُ فيما بينها، وفيما بينها وبين الإِمام؛ لأنهم جماعةٌ، والجماعةُ مأخوذةٌ مِنْ الاجتماع: ولا اجتماع كامل مع التباعد، فكلما قَرُبَت الصُّفوفُ بعضها إلى بعض، وقَرُبَت إلى الإِمام كان أفضل وأجمل، ونحن نرى في بعض المساجد أنَّ بين الإِمام وبين الصَّفِّ الأول ما يتَّسع لصفٍّ أو صفَّين، أي: أنَّ الإِمام يتقدَّم كثيراً، وهذا فيما أظنُّ صادر عن الجهل، فالسُّنَّةُ للإمام أن يكون قريباً مِنْ المأمومين، وللمأمومين أن يكونوا قريبين مِنْ الإِمام، وأن يكون كلُّ صفٍّ قريباً مِنْ الصَّفِّ الآخر، وحَدُّ القُرب: أن يكون بينهما مقدار ما يَسَعُ للسُّجودِ وزيادة يسيرة
خامساً: ومِن تسوية الصُّفوفِ وكمالها: أن يدنوَ الإِنسانُ مِنْ الإِمامِ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لِيَلِنِي منكم أولُو الأحْلامِ والنُّهَى، وكلَّما كان أقربَ كان أَولى، ولهذا جاء الحثُّ على الدُّنوِّ مِنْ الإِمام في صلاة الجُمعة، لأن الدُّنوَّ مِنْ الإِمام في صلاة الجُمعة يحصُل به الدُّنُو إليه في الصَّلاةِ، وفي الخطبة، فالدُّنُو مِنْ الإِمام أمرٌ مطلوب، وبعضُ الناس يتهاون بهذا؛ ولا يحرِصُ عليه
سادساً: ومِن تسوية الصُّفوف: تفضيل يمين الصفِّ على شماله، يعني: أنَّ أيمن الصَّفِّ أفضل مِنْ أيسره، ولكن ليس على سبيل الإِطلاق؛ كما في الصَّفِّ الأول؛ لأنه لو كان على سبيل الإِطلاق، كما في الصف الأول؛ لقال الرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلام:(أتمُّوا الأيمن فالأيمن) كما قال: (أتمُّوا الصَّفَّ الأول، ثم الذي يليه). وإنما يكون يمين الصف أفضل من يساره إذا تساوى اليمينُ واليسار أو تقاربا، كما لو كان اليسار خمسة واليمين خمسة؛ وجاء الحادي عشر؛ نقول: اذهبْ إلى اليمين؛ لأنَّ اليمين أفضلُ مع التَّساوي، أو التقارب أيضاً؛ بحيث لا يظهر التفاوتُ بين يمين الصَّفِّ ويسارِه، أما مع التَّباعد فلا شكَّ أنَّ اليسار القريبَ أفضل من اليمين البعيد. ويدلُّ لذلك: أنَّ المشروع في أول الأمر للجماعة إذا كانوا ثلاثة أن يقف الإِمام بينهما، أي: بين الاثنين. وهذا يدلُّ على أن اليمينَ ليس أفضلَ مطلقاً؛ لأنه لو كان أفضلَ مطلقاً؛ لكان الأفضل أن يكون المأمومان عن يمينِ الإِمامِ، ولكن كان المشروعُ أن يكون واحداً عن اليمين وواحداً عن اليسار حتى يتوسَّط الإِمام، ولا يحصُل حَيْفٌ وجَنَفٌ في أحد الطرفين.
سابعاً: ومِن تسوية الصُّفوفِ: أن تُفرد النِّساءُ وحدَهن؛ بمعنى: أن يكون النِّساءُ خلف الرِّجال، لا يختلط النِّساء بالرِّجال، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (خير صفوف النساء آخرها .... ).
• اذكر فضل تسوية الصفوف؟
أولاً: أنها من تسوية الصلاة وكمالها.
قال -صلى الله عليه وسلم- (سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة).
ثالثاً: يصله الله.
كما قال -صلى الله عليه وسلم- (من وصل صفاً وصله الله) رواه أبو داود.
فائدة: قوله: (فإني أراكم من ورائي ظهري).
جاء في رواية:(أقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الناس بوجهه فقال: أتموا صفوفكم … ).
دليل على أن شروع الإمام في تكبيرة الإحرام عند قول المؤذن: قد قامت الصلاة بدعة، لمخالفتها للسنة الصحيحة، لأن الحديث يدل على أن الإمام بعد إقامة الصلاة أمر الناس بتسوية الصف.