هذا النَّصُّ النَّبويُّ يشير إلى أصل في الشَّريعة عظيم، وهو النَّهي عن التَّشبُّه بغير المسلمين، فلا يجوز التَّشبُّه بالكفَّار والمنافقين والمبتدعة والعصاة والفسَّاق، وأنَّ التَّشبُّه المطلوب إنَّما هو بأهل الصَّلاح والخير والسَّداد ظاهرًا وباطنًا.
قال ابن رجب رحمه الله: هذا يدلُّ على أمرين:
أحدهما: التَّشبُّه بأهل الشَّرِّ مثل أهل الكفر والفسوق والعصيان، وقد وبَّخ الله من تشبَّه بهم في شيء من قبائحهم، فقال تعالى (فاسْتَمْتَعْتُم بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا) وقد نهى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن التَّشبُّه بالمشركين وأهل الكتاب ....
الثَّاني: التَّشبُّه بأهل الخير والتَّقوى والإيمان والطَّاعة، فهذا حسنٌ مندوبٌ إليه، ولهذا يُشرع الاقتداء بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته وآدابه وأخلاقه، وذلك مقتضَى المحبَّة الصَّحيحة، فإنَّ المرء مع من أحبَّ، ولا بدَّ من مشاركتِه في أصلِ عمله، وإن قصَّر المحبُّ عن دَرجته.
وقال شيخ الإسلام: وهذا الحديث أقلُّ أحواله أن يقتضي تحريم التَّشبُّه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كُفرَ المتشبِّه بهم، كما في قوله:(وَمَنْ يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم).