• لكن اعلم: أن هذا الصيام الذي شرفه الله فأضافه إلى نفسه، المراد صيام من سلِم صيامه من المعاصي قولاً وفعلاً.
[فائدة: معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنان وغلقت أبواب النيران)]
ذكر بعض العلماء أن المراد بتفتيح أبواب الجنة: هو عبارة عن تكثير الطاعات، وعن تغليق أبواب النيران: هو عبارة عن قلة المعاصي الموجبة لتغليق النيران، وقد ذكر نحو هذا المعنى - احتمالاً - القاضي عياض ومال إليه.
والاحتمال الثاني أن تكون هذه الأحاديث على حقيقتها فيقع في رمضان تفتيح أبواب الجنة وتغليق أبواب النار، ورجح هذا القول ابن المنَيّر المالكي في حاشيته على البخاري، وهذا القول هو الذي تحتمله هذه الأحاديث وتعرفه العرب من لسانها.
فائدة: قوله -صلى الله عليه وسلم- (وصفدت الشياطين) هل التصفيد يعم جميع الشياطين أم يخص بعضها؟ قولان للعلماء رحمهم الله تعالى.
قيل: إن التصفيد يعم جميع الشياطين.
وهذا هو المتبادر من ألفاظ الأحاديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
وقيل: أن التصفيد يختص ببعض الشياطين دون بعض.
وقد اختلف هؤلاء على قولين:
أحدهما: أن الشياطين التي تصفد هي مسترقة السمع، وقد نص على هذا الحُليْمي في المنهاج في شعب الإيمان.
وثانيهما: أن الشياطين التي تصفد هي المردة العاتية منها.
وقد مال إلى هذا ابن خزيمة في صحيحه.
والصحيح الأول أن الشياطين جميعاً تصفّد.
لكن ينبغي أن يعلم أن هذه الشياطين هي الشياطين المنفصلة الخارجة عن الإنسان - أما القرين الملازم للإنسان فإنه لا يصفّد بحال.
[فائدة: عن ابن عباس (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل) متفق عليه.]
قال ابن رجب: في تضاعف جوده -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان بخصوصه فوائد كثيرة:
منها: شرف الزمان، ومضاعفة أجر العمل فيه.
ومنها: إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعاتهم، فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم.
ومنها: أن شهر رمضان شهر يجود الله به على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، والله تعالى يرحم من عباده الرحماء، فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالعطاء والفضل.
ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة.
ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تكفير الخطايا واتقاء جهنم والمباعدة عنها. (لطائف المعارف).
فائدة: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْماً صَائِماً فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ) متفق عليه.
اختلف العلماء هل يشرع أن يقولها في كل صيام أو يختص بالفرض دون النفل؟
في ذلك قولان، وأصح القولين: أنه يقولها العبد في الحالين جميعاً واختاره ابن تيمية وابن عثيمين.
• الوارد أن يقول هذه الجملة مرتين (إني صائم، إني صائم).
• أن المحفوظ في الألفاظ المروية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دون ذكر (اللهم) فلا يشرع أن يقول: اللهم إني صائم.
• لا يشرع للعبد أن يقول غير هذا القول إذا سب أو خوصم في صيامه، وأما ما ورد - كما عند ابن خزيمة وغيره - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (وإن كنت قائماً فاجلس) فهذه اللفظة لا تثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.