١٩٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (اَلْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ، وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ) رَوَاهُ اِبْنُ عَدِيٍّ وَضَعَّفَهُ.
٢٠٠ - وَلِلْبَيْهَقِيِّ نَحْوُهُ: عَنْ عَلِيٍّ مِنْ قَوْلِهِ.
===
(اَلْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ) أي: إن أمره موكول إليه، فكأنه مالك له، لأنه أمين على الوقت.
(وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ) أي: إن أمرها موكول إليه، فكأنه مالك لها، لأن الصلاة لا تقام إلا بأمره.
• ما صحة حديث الباب؟
الحديث فيه ضعف، وقد أخرجه الترمذي بلفظ (الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين).
وأما أثر علي فأخرجه البيهقي وسنده قوي.
• من الذي أملك بالأذان؟
المؤذن، فهو موكول إليه دخول الوقت، فهو الأمين عليه، فمراقبته ودخوله منوطة به وراجع أمره إليه.
• من الذي أملك بالإقامة؟
الإمام، فأمرها راجع إلى الإمام، فلا يقيم المؤذن إلا بعد إشارته.
وهذا هو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنه هو الذي كان يأمر بالإقامة ويأذن فيها، وبلال وغيره هو المسؤول عن الأذان.
وقد روى جابر بن سمُرَة قال (كان بلال يؤذن إذا دحضت - يعني الشمس - فلا يقيم حتى يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه) رواه مسلم.
• متى يقوم المصلي للصلاة؟
اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في الوقت الذي يقوم فيه المأموم للصلاة على أقوال ذكرها النووي رحمه الله في المجموع (٣/ ٢٣٣) وهي كما يلي:
القول الأول: يقوم إذا شرع المؤذن في الإقامة، وبه قال عطاء والزهري.
القول الثاني: يقوم إذا قال: حي على الصلاة، وبه قال أبو حنيفة.
القول الثالث: يقوم إذا فرغ المؤذن من الإقامة، وبه قال الشافعي.
القول الرابع: ليس للقيام وقت محدد، بل يجوز للمصلي القيام في أول الإقامة، أو أثناءها، أو آخرها. وبه قال المالكية.
القول الخامس: يسن القيام عند قول المؤذن (قد قامت الصلاة) إن رأى المأموم الإمام، فإن لم يره، فإنه يقوم عند رؤيته لإمامه، وبه قال الإمام أحمد.
وليس هناك دليل واضح من السنة على أحد هذه الأقوال، وإنما هي اجتهادات من الأئمة، حسب ما ظهر لكل منهم، والراجح أن الأمر واسع.
• ما الجمع بين حديث (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني) وحديث (إن بلالاً كان لا يقيم حتى يخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
قال الصنعاني: يجمع بينهما بأن بلالاً كان يراقب وقت خروج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا رآه يشرع في الإقامة قبل أن يراه غالب الناس، ثم إذا رأوه قاموا.
فظاهر الأدلة - والله أعلم - أن الإمام إذا كان موجوداً في المسجد، فإن العبد لا يقوم إلا إذا ابتدأ المؤذن بإقامة الصلاة، لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: (إن الصلاة كانت تقام لرسول -صلى الله عليه وسلم- فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النبي -صلى الله عليه وسلم- مقامه)، فهذا دال على أنهم يشرعون بالقيام إذا شرع المؤذن في إقامة الصلاة، فيأخذ الناس مصافهم مع الإقامة، وأما إذا كان الإمام خارج المسجد فإن المصلي لا يقوم حتى يرى الإمام كما ثبت في الصحيح من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أقيمت الصلاة ولم تروني فلا تقوموا حتى تروني).