للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٨٩٦ - وَعَنْ أَنَسٍ (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ اَلْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ لَهَا بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَكَسَرَتِ اَلْقَصْعَةَ، فَضَمَّهَا، وَجَعَلَ فِيهَا اَلطَّعَامَ. وَقَالَ: كُلُوا، وَدَفَعَ اَلْقَصْعَةَ اَلصَّحِيحَةَ لِلرَّسُولِ، وَحَبَسَ اَلْمَكْسُورَةَ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ، وَاَلتِّرْمِذِيُّ، وَسَمَّى اَلضَّارِبَةَ عَائِشَةَ، وَزَادَ: فَقَالَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- (طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ) وَصَحَّحَهُ.

===

(أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ) وهي عائشة كما في رواية الترمذي.

(فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ اَلْمُؤْمِنِين) قال الطيبي: وإنما وصفت المرسلة بأنها أم المؤمنين إيذانًا بسبب الغيرة التي صدرت من عائشة وإشارة إلى غيرة الأخرى حيث أهدت إلى بيت ضرتها.

ولم يبين في هذه الرواية من المرسلة، ورجح الحافظ ابن حجر أنها زينب بنت جحش.

(فَكَسَرَتِ اَلْقَصْعَةَ) وفي رواية (غارت أمكم) وهذا اعتذار منه -صلى الله عليه وسلم- لئلا يحمل صنيعها على ما يذم بل يجري على عادة الضرائر من الغيرة فإنها مركبة في النفس بحيث لا يقدر على دفعها.

قال ابن حجر: الغَيْرَة: بفتح المعجمة وسكون التحتانية بعدها راء قال عياض وغيره: هي مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: أن من أتلف لغيره شيئاً أنه يضمنه، فإن كان مثلياً ضمنه بمثله، وإن لم يكن مثلياً ضمنه بقيمته.

• ما هو المثلي؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن المثلي كل مكيل أو موزون يصح السلم فيه.

فقولنا: (كل مكيل أو موزون) خرج به ما سواهما كالمعدود، والمذروع، والحيوان، والثياب، وهلمّ جرّاً.

مثال: الأقلام متقومة، وكذلك الساعات متقومة؛ لأن فيها صناعة مباحة، فعلى المذهب يجب أن يرد قيمتها

وهذا المذهب.

القول الثاني: المثلي: ما له نظير أو مقارب من معدود أو مكيل أو موزون أو مصنوع أو غير ذلك.

وهذا قول ابن تيمية.

أ-لحديث الباب.

ب- ولأن الضمان بالشبيه والمقارب يجمع الأمرين وحصول مقصود صاحبه.

قال الشيخ ابن عثيمين: ولهذا كان القول الصحيح أن المثلي ما كان له مثل أو مقارب، وعلى هذا فالحيوان مثلي، ولهذا استسلف النبي -صلى الله عليه وسلم- بَكْراً ورد خياراً رباعيّاً، فجعله مثليًّا، ولما جاء غلام إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو عند إحدى نسائه بطعام، ضربت المرأة ـ التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها ـ يد الغلام حتى سقط الطعام وانكسرت الصحفة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إناء بإناء وطعام بطعام، وأخذ طعام التي كان عندها وصحفتها وردهما مع الغلام، فهنا ضمن الإناء بالمثل مع أن فيه صناعة، فجعله النبي -صلى الله عليه وسلم- مثليّاً، ولا شك أن هذا القول هو الأقرب، وعلى هذا فإذا استقرض بعيراً ثبت في ذمته بعير مثله، وإذا استقرض إناء ثبت في ذمته إناء مثله، وهذا أقرب من القيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>