للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخامس: أن بعض الناس يعتقدون أن الأشجار في عرفة كالأشجار في منى ومزدلفة، أي: لا يجوز للإنسان أن يقطع منها ورقة أو غصناً أو ما أشبه ذلك؛ لأنهم يظنون أن قطع الشجر له تعلق بالإحرام كالصيد، وهذا ظن خاطئ، فإن قطع الشجر لا علاقة له بالإحرام، وإنما علاقته بالمكان، فما كان داخل حدود الحرم - أي: داخل الأميال - من الأشجار فهو محترم، لا يعضد ولا يقطع منه ورق ولا أغصان، وما كان خارجًا عن حدود الحرم فإنه لا بأس بقطعه ولو كان الإنسان محرماً، وعلى هذا فقطع الأشجار في عرفة لا بأس به … ، (وأما الأشجار التي غرسها الناس فلا يشملها تحريم قطع الشجرة من أجل الحرم، ولكنها قد يحرم قطعها بسبب آخر وهو الاعتداء على حق من غرسها، وعلى حق الحجاج أيضاً إذا كانت إنما غرست من أجل أن تلطف الجو ويستظل بها الناس من حر الشمس.

وعلى هذا فالأشجار المغروسة بعرفة لا يجوز قطعها لا من أجل الحرم وإنما لأن قطعها اعتداء على حق المسلمين عموماً).

السادس: أن بعض الحجاج يعتقدون أن للجبل الذي وقف عنده النبي -صلى الله عليه وسلم- قدسية خاصة، ولهذا يذهبون إليه، ويصعدونه، ويتبركون بأحجاره وترابه، ويعلقون على أشجاره قصاصات الخرق، وغير ذلك مما هو معروف، وهذا من البدع، فإنه لا يشرع صعود الجبل ولا الصلاة فيه.

السابع: أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن يصلي الإنسان الظهر والعصر مع الإمام في المسجد، ولهذا تجدهم يذهبون إلى ذلك المكان من أماكن بعيدة ليكونوا مع الإمام في المسجد، فيحصل عليهم من المشقة والأذى والتيه ما يجعل الحج في حقهم حرجاً وضيقاً، ويضيق بعضهم على بعض، ويؤذي بعضهم بعضاً، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول في الوقوف: " وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف "، وقال -صلى الله عليه وسلم- أيضا: " جُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ". فإذا صلى الإنسان في خيمته صلاة يطمئن فيها بدون أذى عليه ولا منه، وبدون مشقة تلحق الحج بالأمور المحرجة، فإن ذلك خير وأولى.

الثامن: أن بعضهم يخرج من عرفة قبل أن تغرب الشمس، فيدفع منها إلى المزدلفة، وهذا خطأ عظيم، وفيه مشابهة للمشركين الذين كانوا يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس، ومخالفة للرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي لم يدفع من عرفة إلا بعد أن غابت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً، كما جاء في حديث جابر -رضي الله عنه-. (الإسلام سؤال وجواب).

• ما كيفية الدفع إلى مزدلفة؟

يستحب أن يكون الدفع بسكينة وهدوء.

لقول جابر (حَتَّى غَابَ القُرْصُ وَأَرْدًفَ أُسَامَةُ وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ اَلزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُولُ بِيَدِهِ اَلْيُمْنَى: (أَيُّهَا اَلنَّاسُ، اَلسَّكِينَةَ، اَلسَّكِينَةَ) كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنْ اَلْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ).

[شنق للقصواء الزمام] هو الخيط الذي يشد إلى الحلقة التي في أنف البعير. [مَورِك رحله] هو الموضع الذي يجعل عليه الراكب رجله إذا مل من الركوب.

[كلما أتى حبلاً] هو التل اللطيف من الرمل الضخم، والمعنى إذا أتى حبلاً من حبال الرمل أرخى لناقته قليلاً من أجل أن تصعد [المزدلفة] وتسمى جمعاً.

• ما سبب تسمية مزدلفة في ذلك؟

قيل: لأنهم يقربون فيها من منى، والازدلاف القرب.

وقيل: لأن الناس يجتمعون فيها، والاجتماع الازدلاف.

وقيل: لأنهم يزدلفون إلى الله تعالى؛ أي يتقربون بالوقوف، ويقال للمزدلفة: جمع لأنه يجمع فيها بين صلاة العشاء والمغرب، وهذا قول قتادة، وقيل إن آدم -عليه السلام- اجتمع فيها مع حواء، وازدلف إليها أي دنا منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>