للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٧٨ - وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (حَرَقَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَخْلَ بَنِي اَلنَّضِيرِ، وَقَطَعَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

===

(حَرَقَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أي: أمر أصحابه.

قال النووي: (حرّق) بِتَشْدِيدِ الرَّاء.

(نَخْلَ بَنِي اَلنَّضِيرِ) هم قبيلة كبيرة من اليهود.

(وَقَطَعَ) وفي رواية (وهي البويْرة) تصغير بئر، وهي هنا مكان معروف بين المدينة وتيماء.

قال النووي: (الْبُوَيْرَة) بِضَمِّ الْبَاء الْمُوَحَّدَة، وَهِيَ مَوْضِع نَخْل بَنِي النَّضِير.

وفي رواية (فأنزل الله: مَا قَطَعْتُم مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ).

• ما حكم تحريق وقطع شجر الكفار؟

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: الجواز.

قال النووي: وَبِهِ قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم وَنَافِع مَوْلَى اِبْن عُمَر وَمَالك وَالثَّوْرِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَالْجُمْهُور.

القول الثاني: عدم الجواز.

وَقَالَ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق وَاللَّيْث بْن سَعْد وَأَبُو ثَوْر وَالْأَوْزَاعِيُّ -رضي الله عنه- فِي رِوَايَة عَنْهُمْ: لَا يَجُوز.

قال الحافظ في الفتح: ذهب الجمهور إلى جواز التحريق والتخريب في بلاد العدو.

وكرهه الأوزاعي والليث.

واحتجوا بوصية أبي بكر لجيوشه ألا يفعلوا أشياء من ذلك.

وأجاب الطبري بأن النهي محمول على القصد لذلك بخلاف ما إذا أصابوا ذلك في خلال القتال، كما وقع في نصب المنجنيق على الطائف وهو نحو ما أجاب به في النهي عن قتل النساء والصبيان، وبهذا قال أكثر أهل العلم ونحو ذلك القتل بالتغريق، وقال غيره إنما نهى أبو بكر جيوشه عن ذلك لأنه علم أن تلك البلاد ستفتح فأراد إبقاءها على المسلمين. انتهى.

وقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا ذُكِرَ يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ نَخْلَهُمْ وَشَجَرَهُمْ، وَيَسْتَهْلِكَ عَلَيْهِمْ زَرْعَهُمْ وَثَمَرَهُمْ، إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُفْضِي إِلَى الظَّفَرِ بِهِمْ، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ ذَلِكَ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ).

وَهَذَا فَسَادٌ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى الشَّامِ وَنَهَاهُمْ عَنْ قَطْعِ شَجَرِهَا، وَلِأَنَّهَا قَدْ تَصِيرُ دَارَ إِسْلَامٍ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ غَنِيمَةً لِلْمُسْلِمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>