للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• هل يجب النكاح أم لا؟

اختلف في وجوبه عندما تتوفر الدواعي وتنتفي الموانع على قولين:

فقال بعض العلماء: إنه واجب.

وهو قول أهل الظاهر، كابن حزم وداود الظاهري.

قال تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) قالوا هذا أمر.

وقال تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ) هذا أمر.

ولحديث الباب: (يا معشر الشباب … فليتزوج) وهذا أمر ولا يوجد صارف يصرفه.

القول الثاني: أنه سنة مؤكدة غير واجب.

وهو مذهب جماهير العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة.

قال في المغني: وهو قول عامة الفقهاء.

و استدلوا بحديث الباب.

وجه الاستدلال: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقام الصوم مقام الزواج، ومعلوم أن الصوم ليس بواجب، فدل على أن الزواج غير واجب، لأن القاعدة أن غير الواجب لا يقوم مقام الواجب، لأنه إذا قام مقام الواجب يصير واجباً.

والقول الأول قول قوي. [لكن أصحاب القول الثاني - وهم الجمهور - يقولون: إذا خاف على نفسه الزنا فإنه يجب النكاح].

ولهذا قال بعض العلماء: أن النكاح تجري فيه الأحكام الخمسة:

أولاً: مستحب، وهذا هو الأصل.

ثانياً: واجب، على من خاف الزنا بتركه، لأن ترك الزنا واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

قال القرطبي: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزوج، لا يُختلف في وجوب التزويج عليه

وقال المرداوي رحمه الله في كتابه الإنصاف: الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ خَافَ الْعَنَتَ. فَالنِّكَاحُ فِي حَقِّ هَذَا: وَاجِبٌ. قَوْلا وَاحِدًا .. " الْعَنَتُ " هُنَا: هُوَ الزِّنَا. عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: هُوَ الْهَلاكُ بِالزِّنَا … الثَّانِي: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " إلا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ " إذَا عَلِمَ وُقُوعَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ إذَا عَلِمَ وُقُوعَهُ فَقَطْ.

ثالثاً: مكروه، إذا كان فقيراً لا شهوة له، لأنه سوف يرهق نفسه بالنفقات وليس لديه شهوة.

رابعاً: مباح، إذا كان غنياً لا شهوة له، لأنه قادر على الإنفاق، فهو قد ينفع المرأة بالإنفاق عليها.

خامساً: حرام، وذلك فيما إذا كان بدار حرب، لأنه قد يؤدي إلى أن يكون له أولاد، فيقتل أولاده أو يخطفون - ويحرم أيضاً إذا أراد أن يتزوج ثانية وهو يعلم أنه غير قادر على العدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>