١٣٨٣ - وَعَنْ عُمَرَ -رضي الله عنه- قَالَ (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! إِنِّي نَذَرْتُ فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ; أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ. قَالَ: "فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَزَادَ اَلْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةٍ (فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً).
===
(فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ) المراد بالجاهليّة هنا جاهليّة عمر - رضي اللَّه عنه -، وهو ما قبل إسلامه، لا أنه أراد ما قبل بعثة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لأن جاهليّة كلّ أحد بحسبه، ووهم من قال: الجاهليّة في كلامه زمن فترة النبوّة، والمراد بها هنا ما قبل بعثة نبيّنا -صلى الله عليه وسلم-، فان هذا يتوقّف على النقل، وقد ثبت أنه نذر قبل أن يسلم، وبين البعثة، وإسلامه مدّة. قاله في "الفتح".
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد صحة النذر من الكافر.
فإن وفى به حال كفره برئت ذمته، وإن لم يف به لزمه أن يوفي به بعد إسلامه.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: صحة نذره.
القول الثاني: لا يصح نذره حال كفره.
والراجح الأول لحديث الباب.
قال النووي: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي صِحَّة نَذْر الْكَافِر:
فَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَسَائِر الْكُوفِيِّينَ وَجُمْهُور أَصْحَابنَا: لَا يَصِحّ.
وَقَالَ الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيّ وَأَبُو ثَوْر وَالْبُخَارِيّ وَابْن جَرِير وَبَعْض أَصْحَابنَا: يَصِحّ.
وَحُجَّتهمْ ظَاهِر حَدِيث عُمَر.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنْهُ أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الِاسْتِحْبَاب، أَيْ: يُسْتَحَبّ لَك أَنْ تَفْعَل الْآن مِثْل ذَلِكَ الَّذِي نَذَرْته فِي الْجَاهِلِيَّة.
وقال الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وفي حديث عمر -رضي الله عنه- دليلٌ على أنه يجب الوفاء بالنذر من الكافر متى أسلم، وقد ذهب إلى هذا بعض أصحاب الشافعيّ.