للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٠ - وَعَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ: (كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَبِيرَةً شَدِيدَةً، فَأَتَيْتُ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَسْتَفْتِيهِ، فَقَالَ: "إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنَ اَلشَّيْطَانِ، فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ، أَوْ سَبْعَةً، ثُمَّ اِغْتَسِلِي، فَإِذَا اسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ، وَصُومِي وَصَلِّي، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُكَ، وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي كَمَا تَحِيضُ اَلنِّسَاءُ، فَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي اَلظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي اَلْعَصْرَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِي حِينَ تَطْهُرِينَ وَتُصَلِّينَ اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرِ جَمِيعًا، ثُمَّ تُؤَخِّرِينَ اَلْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلِينَ اَلْعِشَاءِ، ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ اَلصَّلَاتَيْنِ، فَافْعَلِي. وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ اَلصُّبْحِ وَتُصَلِّينَ. قَالَ: وَهُوَ أَعْجَبُ اَلْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ اَلْبُخَارِيِّ.

===

(حَيْضَةً كَبِيرَةً شَدِيدَةً) لفظ أبي داود والترمذي (كثيرة شديدة)، ومعنى (كثيرة أو كبيرة) أي: أيامها كثيرة أو كثير في كميتها، ومعنى (شديدة) أي: في كيفيتها، بمعنى أن دمها شديد.

(إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنَ اَلشَّيْطَانِ) قيل: هو حقيقة وأن الشيطان ضربها حتى فتق عرقها، وقيل: إن الشيطان وجد بذلك طريقاً إلى التلبيس عليها في أمر دينها ووقت طهرها وصلاتها حتى أنساها ذلك عادتها.

• ما صحة حديث الباب؟

الحديث مختلف في صحته.

قال في المحرر: رَوَاهُ أَحْمد، وَأَبُو دَاوُد، وَابْن مَاجَه، وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ، وَكَذَلِكَ صَححهُ أَحْمد بن حَنْبَل، وَحسنه البُخَارِيّ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ ابْن عقيل وَلَيْسَ بِقَوي، ووهنه أَبُو حَاتِم. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: تفرد بِهِ عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، وَهُوَ مُخْتَلف فِي الِاحْتِجَاج.

• على ماذا يدل الحديث؟

حمل بعض العلماء هذا الحديث - على فرض صحته - بالمستحاضة التي لا تعرف عادة حيضها، وليس لدمها تمييز، فهنا تعمل بعادة غالب النساء، فيكون حيضها ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر.

قال الشيخ ابن عثيمين مبيناً أحوال المستحاضة:

الحالة الثالثة: ألا يكون لها حيض معلوم ولا تمييز صالح بأن تكون الاستحاضة مستمرة من أول ما رأت الدم ودمها على صفة واحدة أو على صفات مضطربة لا يمكن أن تكون حيضاً، فهذه تعمل بعادة غالب النساء فيكون حيضها ستة أيام أو سبعة من كل شهر، يبتدئ من أول المدة التي رأت فيها الدم، وما عداه استحاضة.

مثال ذلك: أن ترى الدم أول ما تراه في الخامس من الشهر ويستمر عليها من غير أن يكون فيه تمييز صالح للحيض لا بلون ولا غيره فيكون حيضها من كل شهر ستة أيام أو سبعة تبتدئ من اليوم الخامس من كل شهر.

لحديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، إني أستحاض حيضة كبيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصيام؟ فقال ( … إنما هذا ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله تعالى، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي أربعاً وعشرين أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها وصومي). الحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، ونقل عن أحمد أنه صححه، وعن البخاري أنه حسنه.

وقوله -صلى الله عليه وسلم- (ستة أيام أو سبعة) ليس للتخيير وإنما هو للاجتهاد فتنظر فيما هو أقرب إلى حالها ممن يشابهها خلقة ويقاربها سناً ورحماً، وفيما هو أقرب إلى الحيض من دمها، ونحو ذلك من الاعتبارات، فإن كان الأقرب أن يكون ستة جعلته ستة، وإن كان الأقرب أن يكون سبعة جعلته سبعة .... (رسالة في الدماء الطبيعية للنساء).

<<  <  ج: ص:  >  >>