القول الثاني: يتم المسافر الصلاة خلف المقيم إذا أدرك من صلاته ركعة فأكثر، ويقصر إذا أدرك معه أقل من ركعة.
وهو قول الحسن البصري، والنخعي، والزهري، وقتادة، وقول للأوزاعي، وهو مذهب مالك.
عن الزهري وقتادة في مسافر يدرك من صلاة المقيمين ركعة، قالا: يصلي بصلاتهم، فإن أدركهم جلوساً صلى ركعتين. رواه عبد الرزاق
وقال الحسن في مسافر أدرك ركعة من صلاة المقيمين في الظهر قال: يزيد إليها ثلاثاً، وإن أدركهم جلوساً صلى ركعتين. رواه عبد الرزاق.
أ-لقوله -صلى الله عليه وسلم- (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك).
دلَّ هذا الحديث على أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة، أي: حكمها ووقتها وفضلها، فدلَّ ذلك على أن من أدرك أقل من ركعة لم يدرك شيئاً من ذلك، وأن الركعة حد أدنى لإدراك تلك الفضائل.
ب-ولأن من أدرك من الجمعة ركعة أتمها جمعة، ومن أدرك أقل من ذلك لا يلزمه فرضها.
ج-أن المسافر إذا لم يدرك ركعة من الصلاة كاملة فهو في حكم من لم يدرك شيئاً منها، وإذا لم يدرك شيئاً من صلاة المقيم صلى ركعتين بإجماع.
القول الثالث: المسافر يقصر الصلاة سواء خلف مقيم أو غيره.
وهو قول إسحاق، والشعبي، وطاووس، وهو مذهب الظاهرية.
لحديث الباب (أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ اَلصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ اَلسَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ اَلْحَضَرِ … ).
فدل هذا الحديث على أن صلاة السفر هي الأصل فبمجرد السفر يثبت حكمها ما دام مسافراً فلا يتغير حكمها بالائتمام.
الحالة الثالثة: إذا نوى الإقامة أكثر من أربع أيام.
(وهذه مسألة خلافية سيأتي ذكر الخلاف فيها إن شاء الله).
• هل يجوز القصر في سفر المعصية؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: يجوز له القصر.
وهذا مذهب أبي حنيفة، واختاره ابن تيمية.
قال النووي: وذهب الحنفية، والثوري، والأوزاعي، والمزني من أصحاب الشافعي بجواز القصر في سفر المعصية وغيره.
قالوا: لأن فرض السفر ركعتان، ولأنه داخل تحت النصوص المطلقة.
القول الثاني: لا يجوز له القصر.
وهذا مذهب الجمهور: مالك، والشافعي، وأحمد.
لأن الترخيص شرع للإعانة على تحصيل المقصد المباح توصلاً للمصلحة، فلو شرع هنا لشرع إعانة على المحرّم تحصيلاً للمفسدة، والشرع منزه عن هذا.
والراجح القول الأول.