وقال رحمه الله في التوسل والوسيلة: ولهذا كان جمهور ما أنكر على البخاري مما صححه يكون قوله فيه راجحاً على قول من نازعه، بخلاف مسلم بن الحجاج، فإنه نوزع في عدة أحاديث مما خرجها وكان الصواب فيها مع من نازعه، كما روى في حديث الكسوف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بثلاث ركوعات وبأربع ركوعات، كما روى أنه صلى بركوعين، والصواب أنه لم يصل إلا بركوعين، وأنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات إبراهيم، وقد بين ذلك الشافعي، وهو قول البخاري، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، والأحاديث التي فيها الثلاث والأربع فيها أنه صلاها يوم مات إبراهيم، ومعلوم أنه لم يمت في يومي كسوف ولا كان له إبراهيمان، ومن نقل أنه مات عاشر الشهر فقد كذب.
وقال الشوكاني: إذا تقرر لك أن القصة واحدة، عرفت أنه لا يصح ها هنا أن يقال كما قيل في صلاة الخوف، إنه يأخذ بأيّ الصفات شاء، بل الذي ينبغي ها هنا أن يأخذ بأصح ما ورد، وهو ركوعان في كل ركعة، لما في الجمع بين هذه الروايات من التكلف البالغ.
وقال السعدي: والصحيح في صلاة الكسوف حديث عائشة الثابت في الصحيحين، أنه صلى في كل ركعة بركوعين وسجودين، وأما ما سواه من الصفات، فإنه وهْم من بعضهم كما قال الأئمة: الإمام أحمد، والبخاري، وغيرهما.
وقال الشوكاني: حكى النووي عن ابن عبد البر أنه قال: أصح ما في الباب ركوعان، وما خالف ذلك فمعلل أو ضعيف، وكذا قال البيهقي.
ونقل ابن القيم عن الشافعي، وأحمد، والبخاري، أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطاً من بعض الرواة.
وهؤلاء قالوا: النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم، وفي نفي هذه الأحاديث التي فيها الصلاة بثلاث ركوعات وأربع ركوعات، أنه إنما صلى ذلك يوم مات إبراهيم، ومعلوم أن إبراهيم لم يمت مرتين ولا كان له إبراهيمان، وقد تواتر عنه أنه صلى الكسوف يومئذٍ ركوعين في كل ركعة، كما روى ذلك عنه عائشة وابن عباس وابن عمر وغيرهم، فلهذا لم يرو البخاري إلا هذه الأحاديث وهو أصدق من مسلم، ولهذا ضعف الشافعي وغيره الثلاثة والأربعة ولم يستحبوا ذلك.
القول الثاني: قال النووي: وقال جماعة من أصحابنا الفقهاء المحدثين وجماعة من غيرهم هذا الاختلاف في الروايات بحسب اختلاف حال الكسوف ففي بعض الأوقات تأخر انجلاء الكسوف فزاد عدد الركوع وفي بعضها أسرع الانجلاء فاقتصر وفي بعضها توسط بين الاسراع والتأخر فتوسط في عدده.
القول الثالث: يجوز العمل بجميع ما ثبت، وهو من الاختلاف المباح.
وبهذا قال ابن خزيمة، وابن المنذر، والخطابي وغيرهم.
قال النووي: وهذا قوي.
والراجح القول الأول وهو ما ذهب إليه الجمهور من أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة قيامان وركوعان.
• ما حكم الجماعة في صلاة الكسوف؟
سنة.
قال الشوكاني: وقد ذهب مالك، والشافعي، وأحمد وجمهور العلماء إلى أن صلاة الكسوف والخسوف تسن الجماعة فيهما.
لحديث الباب.
ولحديث عائشة قالت (خسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس … ) متفق عليه.
ولحديث أسماء الآتي.