للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال النووي: … فَأَمَّا مَنْ كَانَ سَفَره قَرِيبًا تَتَوَقَّع اِمْرَأَته إِتْيَانه لَيْلًا فَلَا بَأْس كَمَا قَالَ فِي إِحْدَى هَذِهِ الرِّوَايَات (إِذَا أَطَالَ الرَّجُل الْغَيْبَة) وَإِذَا كَانَ فِي قَفْل عَظِيم أَوْ عَسْكَر وَنَحْوهمْ، وَاشْتُهِرَ قُدُومهمْ وَوُصُولهمْ، وَعَلِمَتْ اِمْرَأَته وَأَهْله أَنَّهُ قَادِم مَعَهُمْ، وَأَنَّهُمْ الْآنَ دَاخِلُونَ، فَلَا بَأْس بِقُدُومِهِ مَتَى شَاءَ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الَّذِي نَهَى بِسَبَبِهِ، فَإِنَّ الْمُرَاد أَنْ يَتَأَهَّبُوا، وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقْدَم بَغْتَة. وَيُؤَيِّد مَا ذَكَرْنَاهُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخِر (أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُل لَيْلًا - أَيْ: عِشَاء - كَيْ تَمْتَشِط الشَّعِثَة وَتَسْتَحِدّ الْمُغِيبَة) فَهَذَا صَرِيح فِيمَا قُلْنَاهُ، وَهُوَ مَفْرُوض فِي أَنَّهُمْ أَرَادُوا الدُّخُول فِي أَوَائِل النَّهَار بَغْتَة، فَأَمَرَهُمْ بِالصَّبْرِ إِلَى آخِر النَّهَار لِيَبْلُغ قُدُومهمْ إِلَى الْمَدِينَة، وَتَتَأَهَّب النِّسَاء وَغَيْرهنَّ.

• ما الحكمة من النهي؟

جاء في الحديث بيان الحكمة:

لكي تتأهب المرأة لزوجها وتتزين.

ولذلك جاء في الحديث (لِكَيْ تَمْتَشِطَ اَلشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ اَلْمَغِيبَةُ).

وعَنْ جَابِرٍ قَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ) رواه مسلم.

(يَتَخَوَّنُهُمْ) أي: يَظُنّ خِيَانَتهمْ، وَيَكْشِف أَسْتَارهمْ، وَيَكْشِف هَلْ خَانُوا أَمْ لَا؟ (نووي).

قال الإمام الشوكاني: قوله (يتخونهم أو يطلب عثراتهم) … والتخون أن يظن وقوع الخيانة له من أهله، وعثراتهم بفتح المهملة والمثلثة جمع عثرة: وهي الزلة، ووقع في حديث جابر عند أحمد والترمذي بلفظ (لا تلجوا على المغيبات فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم).

• ما الجمع بين قوله (حتى تدخلوا ليلاً) وقوله (فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً)؟

قال الشوكاني: قوله (حتى تدخلوا ليلاً) ظاهره المعارضة بما تقدم من النهي عن الطروق ليلاً، وقد جمع؛ المراد بالليل ههنا أوله وبالنهي الدخول في أثناءه فيكون أول الليل إلى وقت العشاء مخصصاً من عموم ذلك النهي، والأولى في الجمع أن الأذن في الدخول ليلاً لمن كان قد أعلم أهله بقدومه فاستعدوا له، والنهي لمن لم يكن قد أعلنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>