٩٤٦ - وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَا يَرِثُ اَلْمُسْلِمُ اَلْكَافِرَ، وَلَا يَرِثُ اَلْكَافِرُ اَلْمُسْلِمَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
- في هذا الحديث يبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم.
فاختلاف الدين من موانع الإرث.
ويمنع الشخص من الميراثِ … واحدةٌ من عللٍ ثلاثِ
رقٌ وقتلٌ واختلافُ دينِ … فافهمْ فليس الشك كاليقينِ
وموانع الإرث ثلاثة: قال في الرحبية:
والمانع: هو ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه الوجود.
الأول: اختلاف الدين.
قال النووي: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْكَافِر لَا يَرِث الْمُسْلِم.
وَأَمَّا الْمُسْلِم فَلَا يَرِث الْكَافِر أَيْضًا عِنْد جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ.
وَذَهَبَتْ طَائِفَة إِلَى تَوْرِيث الْمُسْلِم مِنْ الْكَافِر، وَهُوَ مَذْهَب مُعَاذ بْن جَبَل وَمُعَاوِيَة وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَمَسْرُوق وَغَيْرهمْ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء وَالشَّعْبِيّ وَالزُّهْرِيّ وَالنَّخَعِيِّ نَحْوه عَلَى خِلَاف بَيْنهمْ فِي ذَلِكَ، وَالصَّحِيح عَنْ هَؤُلَاءِ كَقَوْلِ الْجُمْهُور.
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ (الْإِسْلَام يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ).
وَحُجَّة الْجُمْهُور هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح الصَّرِيح.
وَلَا حُجَّة فِي حَدِيث (الْإِسْلَام يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ فَضْل الْإِسْلَام عَلَى غَيْره، وَلَمْ يَتَعَرَّض فِيهِ لِمِيرَاثٍ، فَكَيْفَ يُتْرَك بِهِ نَصُّ حَدِيث (لَا يَرِث الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ) وَلَعَلَّ هَذِهِ الطَّائِفَة لَمْ يَبْلُغهَا هَذَا الْحَدِيث. (نووي).
وقال القرطبي: قوله (لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم) تضمَّن هذا الحديث أمرين:
أحدهما: مجمع على منعه؛ وهو: ميراث الكافر للمسلم.
والثاني: مختلف فيه؛ وهو: ميراث المسلم الكافر؛ فذهب إلى منعه الجمهور من السَّلف ومن بعدهم؛ فمنهم: عمر، وعلي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وجمهور أهل الحجاز والعراق: مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وابن حنبل، وعامة العلماء ..
وذهب إلى توريث المسلم من الكافر معاذ، ومعاوية، وابن المسيب، ومسروق، وغيرهم. وروي عن أبي الدرداء، والشعبي، والنخعي، والزهري، وإسحاق.
والحديث المتقدِّم حجُّةٌ عليهم. ويَعْضُده حديث أسامة بن زيد؛ وهو: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (لا يتوارث أهل ملتين)، ونحوه في كتاب أبي داود من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه. (المفهم).
فلو مات أب مسلم عن ابن نصراني، فإنه لا يرثه.
لو مات ابن نصراني عن أب مسلم فإنه لا يرثه.
وهذا مذهب جماهير العلماء، أنه لا يرث المسلم من الكافر، ولا الكافر من المسلم.
لحديث الباب، فهو نص في محل النزاع.