للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ اَلتَّرْغِيبِ فِي مَكَارِمِ اَلْأَخْلَاقِ

١٥١٩ - عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ اَلصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى اَلْبِرِّ، وَإِنَّ اَلْبِرَّ يَهْدِي إِلَى اَلْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ اَلرَّجُلُ يَصْدُقُ، وَيَتَحَرَّى اَلصِّدْقَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اَللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ اَلْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى اَلْفُجُورِ، وَإِنَّ اَلْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى اَلنَّارِ، وَمَا يَزَالُ اَلرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى اَلْكَذِبَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اَللَّهِ كَذَّابًا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

===

(يَهْدِي) أي: يرشد ويوصل.

(إِلَى البرِّ) البر كلمة جامعة لأعمال الخير، ومختلف الأعمال الصالحات، قال تعالى (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).

(وإنَّ البر يَهدِي) أي: يقود ويوصل.

(إِلَى الجَنَّةِ) وهي الدار التي أعدها الله لأوليائه المتقين، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

(حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقاً) أي: يصير الصدق له سجية وخلقاً.

(وَإِنَّ الكَذِبَ) وهو الإخبار بخلاف الواقع.

(يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ) الفجور يشمل جميع الأعمال السيئة.

[ماذا نستفيد من الحديث؟]

نستفيد فضل الصِّدْقِ.

قال ابن تيمية: … الصدق أَصْلُ الْخَيْرِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إلَى الْجَنَّةِ وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إلَى النَّارِ وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ. تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) وَقَالَ (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا).

وَلِهَذَا يُذْكَرُ أَنَّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّبَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ لَهُمْ ذُنُوبٌ كَثِيرَةٌ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ: أَنَا آمُرُك بِخَصْلَةِ وَاحِدَةٍ فَاحْفَظْهَا لِي؛ وَلَا آمُرُك السَّاعَةَ بِغَيْرِهَا الْتَزِمْ الصِّدْقَ وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ وَتَوَعَّدَهُ عَلَى الْكَذِبِ بِوَعِيدِ شَدِيدٍ فَلَمَّا الْتَزَمَ ذَلِكَ الصِّدْقَ دَعَاهُ إلَى بَقِيَّةِ الْخَيْرِ وَنَهَاهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْفَاجِرَ لَا حَدَّ لَهُ فِي الْكَذِبِ. (مجموع الفتاوى: ١٥/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>