ب- ولحديث أبي هريرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات) وفي رواية (فليرقه).
قال ابن قدامة: أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ، وَإِرَاقَةِ سُؤْرِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا تَغَيَّرَ وَمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ.
قال النووي: فالأمر بالإراقة والغسل دليل النجاسة.
[القول الثاني: أنه طهور، وأنه لا ينجس إلا إذا تغير بنجاسة.]
وهو مذهب مالك، وهو مذهب الأوزاعي، والثوري، وداود، واختار هذا القول ابن المنذر، والغزالي من الشافعية، وهو اختيار ابن تيمية.
واستدلوا بحديث الباب - أبي سعيد - (إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ … ).
وجه الدلالة: قوله -صلى الله عليه وسلم- (لا ينجسه شيء) دليل على أن الأصل في الماء الطهارة، وأنه لا يتأثر بالنجاسة، وخص من ذلك المتغير بالنجاسة بالإجماع.
قال ابن القيم: فهذا نص صحيح صريح على أن الماء لا ينجس بملاقاة النجاسة مع كونه واقفاً، فإن بئر بضاعة كانت واقفة ولم يكن على عهده بالمدينة ماء جار أصلاً. (تهذيب السنن).
[ما الجواب عن حديث القلتين]
أولاً: أن هناك من العلماء من ضعفه، كابن عبد البر، وابن القيم.
ثانياً: أن المفهوم لا عموم له، فلا يلزم أن كل ما لم يبلغ القلتين ينجس، وإنما القليل قد يحمل الخبث لمظنة القلة، ثم إن هذا المفهوم يعارض منطوق حديث (الماء طهور لا ينجسه شيء) والمنطوق مقدم على المفهوم.