٤٤٩ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ اَلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا، وَاَلَّذِي يَقُولُ لَهُ: أَنْصِتْ، لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ. وَهُوَ يُفَسِّرُ.
٤٥٠ - حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- فِي "اَلصَّحِيحَيْنِ" مَرْفُوعًا (إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ وَالْإِمَامِ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْت).
===
• ما صحة حديث ابن عباس؟
الحديث فيه ضعف، لأن فيه مجالد بن سعيد، وهو ضعيف، فقد ضعفه الجمهور.
قال الحافظ: وله شاهد قوي في جامع حماد بن سلمة عن بن عمر موقوفاً.
(إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِك) لفظ النسائي (من قال لصاحبه .. ) والمراد بالصاحب هو الذي يخاطبه إذ ذاك أو جليسه، وإنما ذكر الصاحب لكونه الغالب.
(أَنْصِتْ) أي: اسكت، قال الحافظ ابن حجر: قال ابن خزيمة: المراد بالإنصات السكوت عن مكالمة الناس دون ذكر الله، وتعقب بأنه يلزم منه جواز القراءة والذكر حال الخطبة، فالظاهر أن المراد السكوت مطلقاً، ومن فرق احتاج إلى دليل.
فائدة: الإنصات: الاصغاء إلى كلام المتكلم، والاستماع: تقصد إدراك الصوت.
(وَالْإِمَامِ يَخْطُبُ) أي: حال الإمام يخطب.
(فَقَدْ لَغَوْتَ) أي وقعت في اللغو، قال ابن المنير: اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسن من الكلام.
• ما حكم الكلام أثناء الخطبة؟
اختلف العلماء في هذه المسألة - كلام الحاضر للخطبة إذا كان يسمعها - على قولين:
القول الأول: يحرم الكلام ويجب الإنصات.
وهذا مذهب الجمهور، من الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وبه قال ابن حزم.
أ-لحديث الباب.
قال النووي: ففي الحديث النهي عن جميع أنواع الكلام حال الخطبة، ونبه بهذا على ما سواه، لأنه إذا قال: أنصت، وهو في الأصل أمر بمعروف، وسماه لغواً، فغيره من باب أولى.
ب-ولحديث ابن عباس حديث الباب، فإنه يدل على وجوب الإنصات.
وجه الدلالة من وجهين:
الأول: أنه شبه المتكلم بالحمار، ومعلوم أن ذلك صفة ذم ونقص لا يوصف بها تارك الندب.
الثاني: نفي أن يكون له جمعة، وقد علمنا أنها جمعة، فلما استعار له لفظ نفي الإجزاء وعدم الصحة، دلّ على تأكيد منعه وشدة تحريمه.